أخرج في " الزهد " ، ابن المبارك ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن والحاكم قال : قال ابن عباس يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : فيم ترون هذه الآية نزلت : عمر أيود أحدكم أن تكون له جنة ؟ قالوا : الله أعلم . فغضب فقال : قولوا : نعلم أو لا نعلم . فقال عمر : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين . فقال : ابن عباس : يا ابن أخي ، قل ولا تحقر نفسك . قال عمر : ضربت مثلا لعمل . قال ابن عباس : أي عمل؟ قال عمر : لعمل . قال ابن عباس : لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله . [ ص: 249 ] وأخرج عمر ، عبد بن حميد ، عن وابن المنذر قال : قال ابن عباس : قرأت الليلة آية أسهرتني : عمر بن الخطاب أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب فقرأها كلها . فقال : ما عني بها ؟ فقال بعض القوم : الله أعلم . فقال : إني أعلم أن الله أعلم ، ولكن إنما سألت إن كان عند أحد منكم علم، وسمع فيها شيئا أن يخبر بما سمع . فسكتوا . فرآني وأنا أهمس . قال : قل يا ابن أخي ، ولا تحقر نفسك . قلت : عني بها العمل . قال : وما عني بها العمل ؟ قلت : شيء ألقي في روعي فقلته . فتركني وأقبل وهو يفسرها : صدقت يا ابن أخي عني بها العمل، وابن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبرت سنه وكثر عياله ، وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم القيامة ، صدقت يا ابن أخي .
وأخرج ، ابن جرير عن وابن أبي حاتم قال : ضرب الله مثلا حسنا - وكل أمثاله حسن – قال : ابن عباس أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب - له فيها من كل الثمرات يقول : صنعه في شبيبته ، فأصابه الكبر ، وولده وذريته ضعفاء عند آخر عمره، فجاءه إعصار فيه نار، فاحترق بستانه، فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله، ولم يكن عند نسله خير يعودون به عليه ، فكذلك الكافر يوم القيامة ، إذا رد إلى الله ليس له خير فيستعتب، كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه، ولا يجده قدم لنفسه خيرا يعود عليه كما لم يغن عن هذا ولده ، وحرم أجره عند أفقر ما كان إليه ، كما [ ص: 250 ] حرم هذا جنته عند أفقر ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته .
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : هذا مثل آخر لنفقة الرياء أنه ينفق ماله يرائي به الناس، فيذهب ماله منه وهو يرائي ، فلا يأجره الله فيه ، فإذا كان يوم القيامة واحتاج إلى نفقته وجدها قد أحرقها الرياء فذهبت كما أنفق هذا الرجل على جنته ، حتى إذا بلغت وكثر عياله واحتاج إلى جنته جاءت ريح فيها سموم فأحرقت جنته ، فلم يجد منها شيئا . السدي
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن أبي حاتم في الآية قال : هذا مثل المفرط في طاعة الله حتى يموت، مثله بعد موته كمثل هذا حين احترقت جنته وهو كبير لا يغني عنها ، وولده صغار لا يغنون عنه شيئا ، كذلك المفرط بعد الموت ، كل شيء عليه حسرة . مجاهد
وأخرج عن ابن جرير ، أن عمر تلا هذه الآية فقال : هذا مثل ضرب للإنسان يعمل عملا صالحا حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء . ابن أبي مليكة
وأخرج عن ابن جرير في الآية قال : ضربت مثلا للعمل يبدأ فيعمل عملا صالحا ، فيكون مثلا للجنة ، ثم يسيء في آخر عمره ، فيتمادى في [ ص: 251 ] الإساءة حتى يموت على ذلك ، فيكون الإعصار الذي فيه نار التي أحرقت الجنة مثلا لإساءته التي مات وهو عليها . ابن عباس
وأخرج عن عبد بن حميد قال : قال عطاء : آية من كتاب الله ما وجدت أحدا يشفيني منها ، قوله : عمر أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب حتى فرغ من الآية . قال : يا أمير المؤمنين ، إني أجد في نفسي منها . فقال له ابن عباس : فلم تحقر نفسك؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا مثل ضربه الله فقال : أيحب أحدكم أن يكون عمره يعمل بعمل أهل الخير وأهل السعادة حتى إذا كبرت سنه واقترب أجله ورق عظمه وكان أحوج ما يكون إلى أن يختم عمله بخير عمل بعمل أهل الشقاء فأفسد عمله فأحرقه . قال : فوقعت على قلب عمر وأعجبته . عمر
وأخرج في " الأوسط " ، الطبراني وحسنه، عن والحاكم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو : عائشة . " اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري "
وأخرج ، الفريابي ، وأبو يعلى ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وصححه من طرق، عن والحاكم في قوله : [ ص: 252 ] ابن عباس إعصار فيه نار قال : ريح فيها سموم شديدة .
وأخرج في " مسائله " ، عن الطستي ، أن ابن عباس نافع بن الأزرق سأله عن قوله : إعصار قال : الريح الشديدة . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت قول الشاعر :
فله في آثارهن خوار وحفيف كأنه إعصار
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن أبي حاتم في قوله : قتادة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون قال : هذا مثل ضربه الله فاعقلوا عن الله أمثاله، فإن الله يقول : وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون .