قوله تعالى : إن أولى الناس بإبراهيم   الآية . 
أخرج  عبد بن حميد  ، من طريق  شهر بن حوشب   : حدثني  ابن غنم،  أنه لما خرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى  النجاشي  أدركهم  عمرو بن العاص  وعمارة بن أبي معيط،   [ ص: 620 ] فأرادوا عنتهم والبغي عليهم، فقدموا على  النجاشي  وأخبروه أن هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة  إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك ويشتموا ربك . فأرسل إليهم  النجاشي،  فلما أن أتوه قال : ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان - لعمرو بن العاص  وعمارة بن أبي معيط   - يزعمان أنما جئتم لتخبلوا علي ملكي وتفسدوا علي أرضي . فقال  عثمان بن مظعون   وحمزة   : إن شئتم فخلوا بين أحدنا وبين  النجاشي،  فلنكلمه، فأنا أحدثكم سنا، فإن كان صوابا فالله يأتي به، وإن كان غير ذلك، قلتم : رجل شاب، لكم في ذلك عذر . فجمع  النجاشي  قسيسيه ورهبانه وتراجمته، ثم سألهم : أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم، ما يقول لكم وما يأمركم به وما ينهاكم عنه ، هل له كتاب يقرأه؟ قالوا : نعم ، هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه، وما قد سمع منه، وهو يأمر بالمعروف ويأمر بحسن المجاورة، ويأمر باليتيم، ويأمر بأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه إله آخر . فقرأ عليه سورة " الروم " وسورة " العنكبوت " و " أصحاب الكهف " و " مريم   " ، فلما أن ذكر عيسى  في القرآن أراد  عمرو  أن يغضبه عليهم، فقال : والله إنهم ليشتمون عيسى  ويسبونه . قال  النجاشي   : ما يقول صاحبكم في عيسى؟  قال : يقول إن عيسى  عبد الله ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم   .  [ ص: 621 ] فأخذ  النجاشي  نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين فحلف : ما زاد المسيح  على ما يقول صاحبكم، ما يزن ذلك القذى في يده من نفثة سواكه، فأبشروا، ولا تخافوا فلا دهونة - يعني بلسان الحبشة   - اليوم على حزب إبراهيم   . قال  عمرو بن العاص   : ما حزب إبراهيم؟  قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاءوا من عنده ومن اتبعهم . فأنزلت ذلك اليوم خصومتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة   : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين   . 
وأخرج  سعيد بن منصور  ،  وعبد بن حميد  ،  والترمذي  ،  وابن جرير  ،  وابن المنذر  ،  وابن أبي حاتم  ،  والحاكم  وصححه، عن  ابن مسعود  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " إن لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي وخليل ربي " . ثم قرأ : " إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين   . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن الحكم بن ميناء،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " يا معشر قريش،  إن أولى الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم المتقون، فكونوا أنتم بسبيل ذلك، فانظروا ألا يلقاني الناس يحملون الأعمال، وتلقوني بالدنيا تحملونها، فأصد عنكم بوجهي " . ثم قرأ عليهم هذه الآية : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين   . 
 [ ص: 622 ] وأخرج  ابن جرير  ،  وابن أبي حاتم  ، من طريق علي  عن  ابن عباس   : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه   . قال : هم المؤمنون . 
وأخرج  عبد بن حميد  ،  وابن جرير  ، عن  قتادة   : إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه   . يقول : الذين اتبعوه على ملته وسنته ومنهاجه وفطرته، وهذا النبي  وهو نبي الله محمد  صلى الله عليه وسلم، والذين آمنوا  معه ، وهم المؤمنون  . 
وأخرج  ابن أبي حاتم  ، عن  الحسن  في الآية قال : كل مؤمن ولي لإبراهيم  ممن مضى وممن بقي  . 
وأخرج  أحمد  ، وابن أبي داود  في " البعث " ،  وابن أبي الدنيا  في " العزاء " ،  والحاكم  وصححه،  والبيهقي  في " البعث والنشور " ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " أولاد المؤمنين في جبل في الجنة، يكفلهم إبراهيم  وسارة  حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة "  . 
				
						
						
