فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين
[ ص: 320 ] الضر : الهزال من الشدة والجوع، مزجاة : مدفوعة يدفعها كل تاجر; رغبة عنها واحتقارا لها، من أزجيته إذا دفعته وطردته، والريح تزجي السحاب، قيل: كانت من متاع الأعراب صوفا وسمنا، وقيل: الصنوبر وحبة الخضراء، وقيل: سويق المقل والأقط، وقيل: دراهم زيوفا لا تؤخذ إلا بوضيعة، فأوف لنا الكيل : الذي هو حقنا، وتصدق علينا : وتفضل علينا بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة، أو زدنا على حقنا، فسموا ما هو فضل وزيادة لا تلزمه صدقة، لأن الصدقات محظورة على الأنبياء، وقيل: كانت تحل لغير نبينا، وسئل عن ذلك؟ فقال: ألم تسمع: "وتصدق علينا" أراد: أنها كانت حلالا لهم، والظاهر أنهم تمسكنوا له وطلبوا إليه أن يتصدق عليهم، ومن ثم رق لهم وملكته الرحمة عليهم، فلم يتمالك أن عرفهم نفسه، وقوله: ابن عيينة إن الله يجزي المتصدقين : شاهد لذلك لذكر الله وجزائه، والصدقة: العطية التي تبتغي بها المثوبة من الله، ومنه قول -لمن سمعه يقول: اللهم تصدق علي:- إن الله تعالى لا يتصدق، إنما يتصدق الذي يبتغي الثواب، قل: اللهم أعطني، أو تفضل علي، أو ارحمني. الحسن