أفي الله شك : أدخلت همزة الإنكار على الظرف، لأن الكلام ليس في الشك، إنما هو في المشكوك فيه، وأنه لا يحتمل الشك لظهور الأدلة وشهادتها عليه، يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم : أي: يدعوكم إلى الإيمان ليغفر لكم أو يدعوكم لأجل المغفرة; كقوله: دعوته لينصرني، ودعوته ليأكل معي، وقال [من المتقارب]:
دعوت - لما نابني- مسورا ... فلبى فلبى يدي مسور
[ ص: 367 ] فإن قلت: ما معنى التبعيض في قوله: من ذنوبكم ؟
قلت: ما علمته جاء هكذا إلا في خطاب الكافرين، كقوله: واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم [نوح: 3 - 4]، يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم [الأحقاف: 31]، وقال في خطاب المؤمنين: هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم [الصف: 10]، إلى أن قال: يغفر لكم ذنوبكم [الصف: 12]، وغير ذلك مما يقفك عليه الاستقراء، وكان ذلك للتفرقة بين الخطابين، ولئلا يسوي بين الفريقين في الميعاد، وقيل: أريد أنه يغفر لهم ما بينهم وبين الله، بخلاف ما بينهم وبين العباد من المظالم ونحوها، ويؤخركم إلى أجل مسمى : إلى وقت قد سماه الله وبين مقداره، يبلغكموه إن آمنتم، وإلا عاجلكم بالهلاك قبل ذلك الوقت، إن أنتم : ما أنتم، إلا بشر مثلنا : لا فضل بيننا وبينكم، ولا فضل لكم علينا، فلم تخصون بالنبوة دوننا، ولو أرسل الله إلى البشر رسلا، لجعلهم من جنس أفضل منهم وهم الملائكة، بسلطان مبين : بحجة بينة، وقد جاءتهم رسلهم بالبينات والحجج، وإنما أرادوا بالسلطان المبين آية قد اقترحوها تعنتا ولجاجا.