ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم قال أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون
سلاما : أي: نسلم عليك سلاما، أو سلمت سلاما، وجلون : خائفون، وكان خوفه لامتناعهم من الأكل، وقيل: لأنهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت، وقرأ "لا [ ص: 409 ] توجل": بضم التاء من أوجله يوجله إذا أخافه، وقرئ: "لا تأجل"، "ولا تواجل": من واجله بمعنى: أوجله، وقرئ: "نبشرك" بفتح النون والتخفيف، الحسن: إنا نبشرك : استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل: أرادوا أنك بمثابة الآمن المبشر فلا توجل، يعني: "أبشرتموني" مع مس الكبر، بأن يولد لي، أي: أن الولادة أمر عجيب مستنكر في العادة مع الكبر، فبم تبشرون هي: ما الاستفهامية، دخلها معنى التعجب، كأنه قال: فبأي أعجوبة تبشرونني، أو أراد: أنكم تبشرونني بما هو غير مقصور في العادة فبأي شيء تبشرون، يعني : لا تبشرونني في الحقيقة بشيء; لأن البشارة بمثل هذا بشارة بغير شيء، ويجوز إلا يكون صلة لبشر، ويكون سؤالا عن الوجه والطريقة، يعني: بأي طريقة تبشرونني بالولد، والبشارة لا طريقة لها في العادة، وقوله: بشرناك بالحق : يحتمل أن تكون الباء فيه صلة، أي: بشرناك باليقين الذي لا لبس فيه، أو بشرناك بطريقة هي حق وهي قول الله ووعده، وأنه قادر على أن يوجد ولدا من غير أبوين، فكيف من شيخ فان وعجوز عاقر، وقرئ: "تبشرون": بفتح النون وبكسرها على حذف نون الجمع، والأصل: تبشرونن ، وتبشرون بإدغام نون الجمع في نون العماد، وقرئ: "من القنطين" من قنط يقنط، وقرئ: و "من يقنط"، بالحركات الثلاث في النون، أراد: ومن يقنط من رحمة ربه إلا المخطئون طريق الصواب، أو إلا الكافرون، كقوله: لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون [يوسف: 87]، يعني: لم أستنكر ذلك قنوطا من رحمته، ولكن استبعادا له في العادة التي أجراها الله.