والأيام المعدودات: أيام التشريق، وذكر الله فيها: التكبير في أدبار الصلوات وعند الجمار، وعن -رضي الله عنه-: أنه كان يكبر في فسطاطه عمر بمنى فيكبر من حوله، حتى يكبر الناس في الطريق وفي الطواف، فمن تعجل : فمن عجل في النفر أو استعجل النفر، وتعجل واستعجل: يجيئان مطاوعين بمعنى عجل. يقال: تعجل في الأمر واستعجل: ومتعديين، يقال: تعجل الذهاب واستعجله، والمطاوعة أوفق لقوله: ومن تأخر كما هي كذلك في قوله [من البسيط]:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل
[ ص: 415 ] لأجل المتأني.
في يومين بعد يوم النحر، يوم القر - وهو اليوم الذي يسميه أهل مكة يوم الرؤوس - واليوم بعده، ينفر إذا فرغ من رمي الجمار كما يفعل الناس اليوم، وهو مذهب ويروى عن الشافعي ، وعند قتادة وأصحابه ينفر قبل طلوع الفجر، أبي حنيفة ومن تأخر : حتى رمى في اليوم الثالث، والرمي في اليوم الثالث يجوز تقديمه على الزوال عند ، وعند أبي حنيفة : لا يجوز. الشافعي
فإن قلت: كيف قال: فلا إثم عليه عند التعجل والتأخر جميعا؟ قلت: دلالة على أن التعجل والتأخر مخير فيهما، كأنه قيل: فتعجلوا أو تأخروا.
فإن قلت: أليس التأخر بأفضل؟ قلت: بلى، ويجوز أن يقع التخيير بين الفاضل والأفضل، كما خير المسافر بين الصوم والإفطار، وإن كان الصوم أفضل، وقيل: إن أهل الجاهلية كانوا فريقين: منهم من جعل المتعجل آثما، ومنهم من جعل المتأخر آثما، فورد القرآن بنفي المآثم عنهما جميعا، لمن اتقى : أي ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجل والمتأخر لأجل الحاج المتقي; لئلا يتخالج في قلبه شيء منهما، فيحسب أن أحدهما يرهق صاحبه آثاما في الإقدام عليه; لأن ذا التقوى حذر متحرز من كل ما يريبه، ولأنه هو الحاج على الحقيقة عند الله، ثم قال: واتقوا الله ليعبأ بكم، ويجوز أن يراد ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى; لأنه هو المنتفع به دون من سواه، كقوله: ذلك خير للذين يريدون وجه الله [الروم: 38].