وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم
قرئ: "بشق الأنفس": بكسر الشين وفتحها، وقيل: هما لغتان في معنى المشقة، وبينهما فرق: وهي أن المفتوح مصدر شق الأمر عليه شقا، وحقيقته راجعة إلى الشق الذي هو الصدع، وأما الشق فالنصف، كأنه يذهب نصف قوته لما يناله من الجهد.
[ ص: 425 ] فإن قلت: ما معنى قوله: لم تكونوا بالغيه : كأنهم كانوا زمانا يتحملون المشاق في بلوغه حتى حملت الإبل أثقالهم.
قلت: معناه: وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه في التقدير لو لم تخلق الإبل إلا بجهد أنفسكم، لا أنهم لم يكونوا بالغيه في الحقيقة.
فإن قلت: كيف طابق قوله: لم تكونوا بالغيه قوله: وتحمل أثقالكم وهلا قيل: لم تكونوا حامليها إليه ؟
قلت: طباقه من حيث إن معناه: وتحمل أثقالكم إلى بلد بعيد قد علمتم أنكم لا تبلغونه بأنفسكم إلا بجهد ومشقة، فضلا أن تحملوا على ظهوركم أثقالكم، ويجوز أن يكون المعنى: لم تكونوا بالغيه بها إلا بشق الأنفس، وقيل: أثقالكم أجرامكم، وعن ، البلد: عكرمة مكة، لرءوف رحيم ; حيث رحمكم بخلق هذه الحوامل وتيسير هذه المصالح.