وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ليحملوا أوزارهم كاملة يوم [ ص: 432 ] القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون
ماذا : منصوب بأنزل، بمعنى: أي شيء، أنزل ربكم : أو مرفوع بالابتداء، بمعنى: أي شيء أنزله ربكم، فإذا نصبت فمعنى: أساطير الأولين : ما يدعون نزوله أساطير الأولين، وإذا رفعته فالمعنى: المنزل أساطير الأولين، كقوله: ماذا ينفقون قل العفو [البقرة: 219] فيمن رفع.
فإن قلت: هو كلام متناقض، لأنه لا يكون منزل ربهم وأساطير ؟
قلت: هو على السخرية، كقوله: "إن رسولكم"، وهو كلام بعضهم لبعض، أو قول المسلمين لهم، وقيل: هو قول المقتسمين: الذين اقتسموا مداخل مكة ينفرون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: أحاديث الأولين وأباطيلهم، ليحملوا أوزارهم : أي: قالوا ذلك إضلالا للناس وصدا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحملوا أوزار ضلالهم، كاملة : وبعض أوزار من ضل بضلالهم، وهو وزر الإضلال، لأن المضل والضال شريكان: هذا يضله، وهذا يطاوعه على إضلاله، فيتحاملان الوزر، ومعنى اللام: التعليل من غير أن يكون غرضا، كقولك: خرجت من البلد مخافة الشر، بغير علم : حال من المفعول أي: يضلون من لا يعلم أنهم ضلال; وإنما وصف بالضلال واحتمال الوزر من أضلوه وإن لم يعلم; لأنه كان عليه أن يبحث وينظر بعقله حتى يميز المحق والمبطل.