فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون
لما ذكر العمل الصالح ووعد عليه، وصل به قوله: فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله : إيذانا بأن الاستعاذة من جملة الأعمال الصالحة التي يجزل الله عليها الثواب، والمعنى: فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ; كقوله: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم [المائدة: 6]، وكقولك: إذا أكلت فسم الله.
فإن قلت: لم عبر عن إرادة الفعل بلفظ الفعل ؟
قلت: لأن الفعل يوجد عند القصد والإرادة بغير فاصل وعلى حسبه، فكان منه بسبب قوي وملابسة ظاهرة، وعن رضي الله عنه: عبد الله بن مسعود قرأت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، فقال لي: "يا قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أقرأنيه ابن أم عبد، جبريل -عليه السلام- عن القلم عن اللوح [ ص: 473 ] المحفوظ"، ليس له سلطان أي: تسلط وولاية على أولياء الله، يعني: أنهم لا يقبلون منه ولا يطيعونه فيما يريد منهم من اتباع خطواته، إنما سلطانه : على من يتولاه ويطيعه، به مشركون : الضمير يرجع إلى ربهم، ويجوز أن يرجع إلى الشيطان، على معنى: بسببه وغروره ووسوسته.