ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين أرادوا بالبشر: غلاما كان قد أسلم وحسن إسلامه، اسمه: لحويطب بن عبد العزى عائش أو يعيش، وكان صاحب كتب، وقيل: هو جبر ، غلام رومي كان لعامر بن الحضرمي، وقيل: عبدان : جبر ويسار، كانا يصنعان السيوف بمكة ويقرآن التوراة والإنجيل، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا مر وقف عليهما يسمع ما يقرآن، فقالوا: يعلمانه، فقيل لأحدهما، فقال: بل هو يعلمني، وقيل: هو ، واللسان: اللغة، ويقال: ألحد القبر ولحده، وهو ملحد وملحود، إذا أمال حفره عن الاستقامة، فحفر في شق منه ثم استعير لكل إمالة عن استقامة، فقالوا: ألحد فلان في قوله، وألحد في دينه، ومنه الملحد; لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها، لم يمله عن دين إلى دين، والمعنى: لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه لسان، سلمان الفارسي أعجمي : غير بين، وهذا : القرآن، لسان عربي مبين : ذو بيان وفصاحة ردا لقولهم وإبطالا لطعنهم، وقرئ : "يلحدون": بفتح الياء والحاء، وفي قراءة الحسن: اللسان الذي يلحدون إليه بتعريف اللسان.
فإن قلت: الجملة التي هي قوله: لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ما محلها ؟
قلت: لا محل لها; لأنها مستأنفة جواب لقولهم، ومثله قوله: الله أعلم حيث يجعل رسالته [الأنعام: 124] بعد قوله: [ وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله [الأنعام: 124].