الرحمن على العرش استوى   له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى   
قرئ : "الرحمن " : مجرورا صفة لمن خلق والرفع أحسن ؛ لأنه إما أن يكون رفعا على المدح على تقدير : هو الرحمن ، وإما : أن يكون مبتدأ مشارا بلامه إلى من خلق . 
فإن قلت : الجملة التي هي على العرش استوى   : ما محلها -إذا جررت الرحمن أو رفعته على المدح ؟ 
قلت : إذا جررت فهي خبر مبتدأ محذوف لا غير ، وإن رفعت جاز أن تكون كذلك ، وأن تكون مع الرحمن خبرين للمبتدأ ؛ لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك مما يردف الملك ، جعلوه كناية عن الملك فقالوا : استوى فلان على العرش ، يريدون : ملك وإن لم يقعد على السرير البتة ، وقالوه أيضا- لشهرته في ذلك المعنى ومساواته بأملك في مؤداه وإن كان أشرح وأبسط وأدل على صورة الأم ؛ ونحوه قولك : يد فلان مبسوطة ، ويد فلان مغلولة ، بمعنى : أنه جواد أو بخيل ، لا فرق بين العبارتين إلا فيما قلت ، حتى أن من لم يبسط يده قط : بالنوال أو لم تكن له يد رأسا قيل فيه : يده مبسوطة لمساواته عندهم قولهم : هو جواد ؛ ومنه قول الله -عز وجل- وقالت اليهود يد الله مغلولة   [المائدة : 64 ] ، أي هو بخيل ، بل يداه مبسوطتان  أي : هو جواد ، من غير تصور يد ولا غل ولا بسط ، والتفسير بالنعمة والتمحل للتثنية من ضيق الطعن والمسافرة عن علم البيان مسيرة أعوام ، وما تحت الثرى   : ما تحت سبع الأرضين ، عن  محمد بن كعب  وعن  السدي   : هو الصخرة التي تحت الأرض السابعة . 
				
						
						
