ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين
و"جالوت": جبار من العمالقة من أولاد عمليق بن عاد، وكانت بيضته فيها ثلاثمائة رطل وثبت أقدامنا : وهب لنا ما نثبت به في مداحض الحرب من قوة القلوب، وإلقاء الرعب في قلب العدو ونحو ذلك من الأسباب.
كان إيشى أبو داود في عسكر طالوت مع ستة من بنيه، وكان داود سابعهم وهو صغير يرعى الغنم، فأوحي إلى إشمويل أن داود بن إيشى هو الذي يقتل جالوت، فطلبه من أبيه، فجاء وقد مر في طريقه بثلاثة أحجار دعاه كل واحد منها أن يحمله وقالت له: إنك تقتل بنا جالوت، فحملها في مخلاته ورمى بها جالوت فقتله، وزوجه طالوت بنته، وروي أنه حسده وأراد قتله ثم تاب.
وآتاه الله الملك : في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها، وما اجتمعت بنو إسرائيل على ملك قط قبل داود والحكمة : والنبوة وعلمه مما يشاء : من صنعة [ ص: 477 ] الدروع، وكلام الطير والدواب وغير ذلك، ولولا دفع الله الناس : ولولا أن الله يدفع بعض الناس ببعض ويكف بهم فسادهم لغلب المفسدون، وفسدت الأرض، وبطلت منافعها، وتعطلت مصالحها من الحرث والنسل وسائر ما يعمر الأرض، وقيل: ولولا أن الله ينصر المسلمين على الكفار لفسدت الأرض بعيث الكفار فيها وقتل المسلمين، أو لو لم يدفعهم بهم لعم الكفر ونزلت السخطة فاستؤصل أهل الأرض.