فاضرب لهم طريقا : فاجعل لهم ؛ من قولهم : ضرب له في ماله سهما ، وضرب [ ص: 98 ] اللبن : عمله ، اليبس : مصدر وصف به ، يقال : يبس يبسا ويبسا ؛ ونحوهما : العدم والعدم ، ومن ثم وصف به المؤنث ، فقيل ؛ شاتنا يبس ، وناقتنا يبس : إذا جف لبنها ، وقرئ : "يبسا" و "يابسا " ، ولا يخلو اليبس من أن يكون مخففا عن اليبس ، أو صفة على فعل ، أو جمع يابس ، كصاحب وصحب ، وصف به الواحد تأكيدا ؛ كقوله [من الوافر ] :
ومعى جياعا
جعله لفرط جوعه كجماعة جياع "لا تخاف" : حال من الضمير في "فاضرب" وقرئ : "لا تخف " : على الجواب ، وقرأ أبو حيوة : "دركا" بالسكون ، والدرك والدرك : اسمان من الإدراك ، أي : لا يدركك فرعون وجنوده ولا يلحقونك ، في "ولا تخشى " : إذا قرئ : "لا تخف" : ثلاثة أوجه : أن يستأنف ، كأنه قيل : وأنت لا تخشى ، أي : ومن شأنك أنك آمن لا تخشى ، وأن لا تكون الألف المنقلبة عن الياء هي لام الفعل ، ولكن : زائدة للإطلاق من أجل الفاصلة ؛ كقوله : فأضلونا السبيلا [الأحزاب : 67 ] ، وتظنون بالله الظنونا [الأحزاب : 10 ] ، وأن يكون مثله قوله [من الطويل ] :
كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا
[ ص: 99 ] ما غشيهم : من باب الاختصار ، ومن جوامع الكلم التي تستقل مع قلتها بالمعاني الكثيرة ، أي : غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله ، وقرئ : "فغشاهم من اليم ما غشاهم " ، والتغشية : التغطية ، وفاعل غشاهم : إما الله سبحانه ، أو ما غشاهم ، أو فرعون ؛ لأنه الذي ورط جنوده وتسبب لهلاكهم ، وقوله : وما هدى : تهكم به ، في قوله : وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ل [غافر : 29 ] .