لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون
فإن قلت : ما منعك من الرفع على البدل ؟
قلت : لأن " لو" بمنزلة : "إن" في أن الكلام معه موجب ، والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب ؛ كقوله تعالى : ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك [هود : 81 ] ؛ وذلك لأن أعم العام يصح نفيه ولا يصح إيجابه ، والمعنى : لو كان يتولاهما ويدبر أمرهما آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما ، لفسدتا ، وفيه دلالة على أمرين :
أحدهما : وجوب أن لا يكون مدبرهما إلا واحدا .
[ ص: 137 ] والثاني : ألا يكون ذلك الواحد إلا إياه وحده ؛ لقوله : "إلا الله " .
فإن قلت : لم وجب الأمران ؟
قلت : لعلمنا أن الرعية تفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب والتناكر والاختلاف ، وعن حين قتل عبد الملك بن مروان عمرو بن سعيد الأشدق : كان -والله أعز- علي من دم ناظري ، ولكن لا يجتمع فحلان في شول ، وهذا ظاهر ، وأما طريقة التمانع فلمتكلمين فيها تجاول وطراد ، ولأن هذه الأفعال محتاجة إلى تلك الذات المتميزة ، بتلك الصفات حتى تثبت وتستقر .