وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين
أي : ناداه بأني مسني الضر ، وقرئ : "إني" بالكسر ، على إضمار القول أو لتضمن النداء معناه ، و"الضر" -بالفتح - : الضرر في كل شيء ، وبالضم : الضرر في النفس من مرض وهزال ، فرق بين البناءين لافتراق المعنيين ، ألطف في السؤال ؛ حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة ، وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ، ويحكى أن عجوزا تعرضت ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، مشت جرذان بيتي على العصي! فقال لها : ألطفت في السؤال ، لا جرم لأردنها تثب وثب الفهود وملأ بيتها حبا ، كان لسليمان بن عبد الملك أيوب -عليه السلام- روميا من ولد إسحاق بن يعقوب -عليهم السلام- وقد استنبأه الله وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله : كان له سبعة بنين وسبع بنات ، وله أصناف البهائم ، وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد ، لكل عبد امرأة وولد ونخيل ، فابتلاه الله بذهاب ولده -انهدم عليهم البيت فهلكوا- وبذهاب ماله ، وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة ، وعن : ثلاث عشرة سنة ، وعن قتادة : سبعا وسبعة أشهر وسبع ساعات ، وقالت له امرأته يوما : لو دعوت الله ، فقال لها : كم كانت مدة الرخاء ؟ فقالت : ثمانين سنة ، فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه ، وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي فلما كشف الله عنه أحيا ولده ورزقه مثلهم ونوافل منهم ، وروي أن امرأته ولدته بعد ستة وعشرين ابنا ، أي : لرحمتنا العابدين وأنا نذكرهم بالإحسان لا ننساهم أو رحمة منا مقاتل لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ، ليصبروا كما صبر حتى يثابوا كما أثيب في الدنيا والآخرة .