أخذوا ما شرطوا على الناس من الربا وبقيت لهم بقايا، فأمروا أن يتركوها ولا يطالبوا بها، روي أنها نزلت في ثقيف، وكان لهم على قوم من قريش مال فطالبوهم عند المحل بالمال والربا، وقرأ -رضي الله عنه-: (ما بقى) بقلب الياء ألفا على لغة الحسن طيء، وعنه: (ما بقي) بياء ساكنة، ومنه قول [من البسيط]: جرير
هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
إن كنتم مؤمنين : إن صح إيمانكم، يعني: أن وثباته امتثال ما أمرتم به من ذلك، دليل صحة الإيمان فأذنوا بحرب : فاعلموا بها، من أذن بالشيء إذا علم به، وقرئ: (فآذنوا)، فأعلموا بها غيركم، وهو من الإذن وهو الاستماع; لأنه من طرق العلم، وقرأ (فأيقنوا)، وهو دليل لقراءة العامة. الحسن:
فإن قلت: هلا قيل بحرب الله ورسوله؟ قلت: كان هذا أبلغ; لأن المعنى: فأذنوا بنوع من الحرب عظيم [من] عند الله ورسوله.
وروي أنها لما نزلت قالت ثقيف: لا يدي لنا بحرب الله ورسوله: وإن تبتم من الارتباء فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون : المديونين بطلب الزيادة عليها، ولا تظلمون : بالنقصان منها.
فإن قلت: هذا حكمهم إن تابوا، فما حكمهم لو لم يتوبوا؟ قلت: قالوا: يكون مالهم فيئا للمسلمين، وروى المفضل عن : (لا تظلمون ولا تظلمون). عاصم
وإن كان ذو عسرة : وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة أو ذو إعسار، وقرأ -رضي الله عنه-: (ذا عسرة) على (وإن كان الغريم ذا عسرة)، وقرئ: (ومن كان ذا عسرة)، "فنظرة" أي: فالحكم أو فالأمر نظرة وهي الإنظار، وقرئ: (فنظرة) [ ص: 509 ] بسكون الظاء، وقرأ عثمان : (فناظره) بمعنى فصاحب الحق ناظره، أي: منتظره، أو صاحب نظرته على طريقة النسب كقولهم: مكان عاشب وباقل، أي: ذو عشب وذو بقل، وعنه: (فناظره) على الأمر بمعنى فسامحه بالنظرة وياسره بها، عطاء إلى ميسرة : إلى يسار، وقرئ: بضم السين، كمقبرة ومقبرة ومشرقة ومشرقة، وقرئ بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كقوله [من البسيط]:
وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا
وقوله تعالى: وإقام الصلاة [النور: 37].
وأن تصدقوا خير لكم : ندب إلى أن يتصدقوا برءوس أموالهم على من أعسر من غرمائهم أو ببعضها، كقوله تعالى: وأن تعفوا أقرب للتقوى [البقرة: 237] وقيل: أريد بالتصدق الإنظار لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة" إن كنتم تعلمون : أنه خير لكم [ ص: 510 ] فتعملوا به، جعل من لا يعمل به - وإن علمه - كأنه لا يعلمه، وقرئ: (تصدقوا) بتخفيف الصاد على حذف التاء.
"ترجعون": قرئ على البناء للفاعل والمفعول، وقرئ: (يرجعون) بالياء على طريقة الالتفات، وقرأ عبد الله : (تردون)، وقرأ (تصيرون). أبي:
وعن : أنها آخر آية نزل بها ابن عباس جبريل -عليه السلام- وقال: ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة، وعاش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها أحدا وعشرين يوما، وقيل: أحدا وثمانين، وقيل: سبعة أيام، وقيل: ثلاث ساعات.