الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير الكشاف

الزمخشري - أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري

صفحة

جزء

تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا

البروج : منازل الكواكب السبعة السيارة : الحمل ، والثور ، والجوزاء ، والسرطان ، والأسد ، والسنبلة ، والميزان ، والعقرب ، والقوس ، والجدي ، والدلو ، والحوت : وسميت بالبروج التي هي القصور العالية ؛ لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها . واشتقاق البرج من التبرج ؛ لظهوره . والسراج : الشمس كقوله تعالى : وجعل الشمس سراجا [نوح : 16 ] ، وقرئ : "سرجا " ، وهي الشمس والكواكب الكبار معها . وقرأ الحسن والأعمش : "وقمرا منيرا " ، وهي جمع ليلة قمراء ، كأنه قال : وذا قمر منيرا ؛ لأن الليالي تكون قمرا بالقمر ، فأضافه إليها ، ونظيره -في بقاء حكم المضاف بعد سقوطه وقيام المضاف إليه مقامه- قول حسان [من الكامل ] :

بردى يصفق بالرحيق السلسل

يريد : ماء بردى ، ولا يبعد أن يكون القمر بمعنى القمر ، كالرشد والرشد ، والعرب والعرب .

تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا

الْبُرُوجُ : مَنَازِلُ الْكَوَاكِبِ السَّبْعَةِ السَّيَّارَةِ : الْحَمَلُ ، وَالثَّوْرُ ، وَالْجَوْزَاءُ ، وَالسَّرَطَانُ ، وَالْأَسَدُ ، وَالسُّنْبُلَةُ ، وَالْمِيزَانُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْقَوْسُ ، وَالْجَدْيُ ، وَالدَّلْوُ ، وَالْحُوتُ : وَسُمِّيَتْ بِالْبُرُوجِ الَّتِي هِيَ الْقُصُورُ الْعَالِيَةُ ؛ لِأَنَّهَا لِهَذِهِ الْكَوَاكِبِ كَالْمَنَازِلِ لِسُكَّانِهَا . وَاشْتِقَاقُ الْبُرْجِ مِنَ التَّبَرُّجِ ؛ لِظُهُورِهِ . وَالسِّرَاجُ : الشَّمْسُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا [نُوحَ : 16 ] ، وَقُرِئَ : "سُرُجًا " ، وَهِيَ الشَّمْسُ وَالْكَوَاكِبُ الْكِبَارُ مَعَهَا . وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْمَشُ : "وَقَمَرًا مُنِيرًا " ، وَهِيَ جَمْعُ لَيْلَةٍ قَمْرَاءَ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَذَا قَمَرٍ مُنِيرًا ؛ لِأَنَّ اللَّيَالِيَ تَكُونُ قَمَرًا بِالْقَمَرِ ، فَأَضَافَهُ إِلَيْهَا ، وَنَظِيرُهُ -فِي بَقَاءِ حُكْمِ الْمُضَافِ بَعْدَ سُقُوطِهِ وَقِيَامِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ- قَوْلُ حَسَّانَ [مِنَ الْكَامِلِ ] :

بَرَدَى يُصَفِّقُ بِالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ

يُرِيدُ : مَاءَ بَرَدَى ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْقَمَرُ بِمَعْنَى الْقَمَرِ ، كَالرُّشْدِ وَالرَّشَدِ ، وَالْعُرْبِ وَالْعَرَبِ .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث