أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين
الكيل على ثلاثة أضرب : واف ، وطفيف ، وزائد ، فأمر بالواجب الذي هو الإيفاء ، ونهى عن المحرم الذي هو التطفيف ، ولم يذكر الزائد ، وكأن تركه عن الأمر والنهي : دليل على أنه إن فعله فقد أحسن وإن لم يفعله فلا عليه . قرئ : "بالقسطاس" مضموما ومكسورا [ ص: 413 ] وهو الميزان وقيل : القرسطون ، فإن كان من القسط وهو العدل -وجعلت العين مكررة- فوزنه فعلاس ، وإلا فهو رباعي . وقيل : وهو بالرومية العدل . يقال : بخسته حقه ، إذا نقصته إياه . ومنه قيل للمكس : البخس ، وهو عام في كل حق ثبت لأحد أن لا يهضم ، وفي كل ملك أن لا يغصب عليه مالكه ولا يتحيف منه ، ولا يتصرف فيه إلا بإذنه تصرفا شرعيا . يقال : عثا في الأرض وعثى وعاث ، وذلك نحو قطع الطريق ، والغارة ، وإهلاك الزروع ، وكانوا يفعلون ذلك مع توليهم أنواع الفساد فنهوا عن ذلك . وقرئ : "الجبلة " ، بوزن الأبلة . والجبلة ، بوزن الخلقة . ومعناهن واحد ، أي : ذوي الجبلة ، وهو كقولك : والخلق الأولين .