ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم أي لم يكن أبا رجل منكم على الحقيقة ، حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصهر والنكاح "ولكن " كان رسول الله وكل رسول أبو أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم . ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه ، لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء ، وزيد واحد من رجالكم الذين ليسوا بأولاده حقيقة ، فكان حكمه حكمكم ، والادعاء والتبني من باب الاختصاص والتقريب لا غير "و " كان وخاتم النبيين يعني أنه لو كان له ولد بالغ مبلغ الرجال لكان نبيا ولم يكن هو خاتم الأنبياء ، كما يروى أنه قال في إبراهيم حين توفى لو عاش لكان نبيا . فإن قلت : أما كان أبا للطاهر والطيب والقاسم [ ص: 76 ] وإبراهيم ؟ قلت : قد أخرجوا من حكم النفى بقوله : من رجالكم من وجهين ، أحدهما : أن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال . والثاني : أنه قد أضاف الرجال إليهم وهؤلاء رجاله لا رجالهم . فإن قلت : أما كان أبا للحسن والحسين ؟ قلت : بلى ، ولكنهما لم يكونا رجلين حينئذ ، وهما أيضا من رجاله لا من رجالهم ، وشيء آخر : وهو أنه إنما قصد ولده خاصة ، لا ولد ولده ; لقوله تعالى : وخاتم النبيين ألا ترى أن الحسن قد عاشا إلى أن نيف أحدهما على الأربعين والآخر على الخمسين . قرئ : (لكن رسول الله ) بالنصب ، عطفا على والحسين أبا أحد بالرفع على : ولكن هو رسول الله ، و (لكن ) بالتشديد على حذف الخبر ، تقديره : ولكن رسول الله من عرفتموه ، أي : لم يعش له ولد ذكر . وخاتم بفتح التاء بمعنى الطابع ، وبكسرها بمعنى الطابع وفاعل الختم . وتقويه قراءة : ولكن نبيا ختم النبيين . فإن قلت : كيف كان آخر الأنبياء ابن مسعود وعيسى ينزل في آخر الزمان ؟ قلت : معنى كونه آخر الأنبياء أنه لا ينبأ أحد بعده ، وعيسى ممن نبئ قبله ، وحين ينزل ينزل عاملا على شريعة محمد ، مصليا إلى قبلته ، كأنه بعض أمته .