[ ص: 375 ] nindex.php?page=treesubj&link=29012_18669_30549_33679_34174nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون nindex.php?page=treesubj&link=29012_30525_30539_31843nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=16فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15فاستكبروا في الأرض أي: تعظموا فيها على أهلها بما لا يستحقون به التعظيم وهو القوة وعظم الإجرام، أو استعلوا في الأرض واستولوا على أهلها بغير استحقاق للولاية.
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15من أشد منا قوة كانوا ذوي أجسام طوال وخلق عظيم، وبلغ من قوتهم أن الرجل كان ينزع الصخرة من الجبل فيقتلعها بيده. فإن قلت: القوة هي الشدة والصلابة في البنية، وهي نقيضة الضعف. وأما القدرة فما لأجله يصح الفعل من الفاعل من تميز بذات أو بصحة بنيه وهي نقيضة العجز، والله سبحانه وتعالى لا يوصف بالقوة إلا على معنى القدرة، فكيف صح قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15هو أشد منهم قوة وإنما يصح إذا أريد بالقوة في الموضعين شيء واحد؟ قلت: القدرة في الإنسان هي صحة البنية والاعتدال والقوة والشدة والصلابة في البنية، وحقيقتها: زيادة القدرة، فكما صح أن يقال: الله أقدر منهم، جاز أن يقال:
[ ص: 376 ] أقوى منهم، على معنى: أنه يقدر لذاته على ما لا يقدرون عليه بازدياد قدرهم. "يجحدون" كانوا يعرفون أنها حق، ولكنهم جحدوها كما يجحد المودع الوديعة، وهو معطوف على فاستكبروا، أي: كانوا كفرة فسقة. الصرصر: العاصفة التي تصرصر، أي: تضوت في هبوبها. وقيل: الباردة التي تحرق بشدة بردها، تكرير لبناء الصر وهو البرد الذي يصر، أي: يجمع ويقبض (نحسات) قرئ بكسر الحاء وسكونها. ونحس نحسا: نقيض سعد سعدا ، وهو نحس. وأما نحس، فإما مخفف نحس، أو صفة على فعل، كالضخم وشبهه، أو وصف بمصدر. وقرئ: (لنذيقهم) على أن الإذاقة للريح أو للأيام النحسات. وأضاف العذاب إلى الخزي وهو الذل والاستكانة على أنه وصف للعذاب، كأنه قال: عذاب خزي، كما تقول: فعل السوء، تريد: الفعل السيئ، والدليل عليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=16ولعذاب الآخرة أخزى وهو من الإسناد المجازي، ووصف العذاب بالخزي: أبلغ من وصفهم به. ألا ترى إلى البون بين قوليك: هو شاعر، وله شعر شاعر.
[ ص: 375 ] nindex.php?page=treesubj&link=29012_18669_30549_33679_34174nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29012_30525_30539_31843nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=16فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ أَيْ: تُعَظِّمُوا فيها عَلَى أَهْلِهَا بِمَا لَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ التَّعْظِيمَ وَهُوَ الْقُوَّةُ وَعَظُمَ الْإِجْرَامِ، أَوِ اسْتَعْلَوْا في الْأَرْضِ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى أَهْلِهَا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لِلْوِلَايَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً كَانُوا ذَوِي أَجْسَامٍ طِوَالِ وَخُلُقٍ عَظِيمٍ، وَبَلَّغَ مِنْ قُوَّتِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَنْزِعُ الصَّخْرَةَ مِنَ الْجَبَلِ فيقْتَلِعُهَا بِيَدِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: الْقُوَّةُ هِيَ الشِّدَّةُ وَالصَّلَابَةُ في الْبِنْيَةِ، وَهِيَ نَقِيضَةُ الضَّعْفِ. وَأَمَّا الْقُدْرَةُ فَمَا لِأَجْلِهِ يَصِحُّ الْفِعْلُ مِنَ الْفَاعِلِ مِنْ تَمَيُّزٍ بِذَاتٍ أَوْ بِصِحَّةِ بَنِيهِ وَهِيَ نَقِيضَةُ الْعَجْزِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْقُوَّةِ إِلَّا عَلَى مَعْنَى الْقُدْرَةِ، فَكَيْفَ صَحَّ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا أُرِيدَ بِالْقُوَّةِ في الْمَوْضِعَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ؟ قُلْتُ: الْقُدْرَةُ في الْإِنْسَانِ هِيَ صِحَّةُ الْبِنْيَةِ وَالِاعْتِدَالُ وَالْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَالصَّلَابَةُ في الْبِنْيَةِ، وَحَقِيقَتُهَا: زِيَادَةُ الْقُدْرَةِ، فَكَمَا صَحَّ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَقْدَرُ مِنْهُمْ، جَازَ أَنْ يُقَالَ:
[ ص: 376 ] أَقْوَى مِنْهُمْ، عَلَى مَعْنَى: أَنَّهُ يَقْدِرُ لِذَاتِهِ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بِازْدِيَادِ قَدْرِهِمْ. "يَجْحَدُونَ" كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّهَا حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ جَحَدُوهَا كَمَا يَجْحَدُ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَاسْتَكْبَرُوا، أَيْ: كَانُوا كَفَرَةً فَسَقَةً. الصَّرْصَرُ: الْعَاصِفَةُ الَّتِي تُصَرْصِرُ، أَيْ: تَضَوَّتْ في هُبُوبِهَا. وَقِيلَ: الْبَارِدَةُ الَّتِي تُحْرِقُ بِشِدَّةٍ بَرْدِهَا، تَكْرِيرٌ لِبِنَاءِ الصَّرِّ وَهُوَ الْبَرْدُ الَّذِي يُصِرُّ، أَيْ: يَجْمَعُ وَيَقْبِضُ (نَحِسَاتٍ) قُرِئَ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِهَا. وَنُحِسُّ نَحْسًا: نَقِيضُ سَعِدَ سَعْدًا ، وَهُوَ نَحْسٌ. وَأَمَّا نَحْسٌ، فَإِمَّا مُخَفَّفُ نَحْسٍ، أَوْ صِفَةٌ عَلَى فِعْلٍ، كَالضَّخْمِ وَشَبَهِهِ، أَوْ وَصْفٍ بِمَصْدَرٍ. وَقُرِئَ: (لِنُذِيقَهُمْ) عَلَى أَنَّ الْإِذَاقَةَ لِلرِّيحِ أَوْ لِلْأَيَّامِ النَّحِسَاتِ. وَأَضَافَ الْعَذَابَ إِلَى الْخِزْيِ وَهُوَ الذُّلُّ وَالِاسْتِكَانَةُ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ لِلْعَذَابِ، كَأَنَّهُ قَالَ: عَذَابُ خِزْيٍ، كَمَا تَقُولُ: فَعَلَ السُّوءَ، تُرِيدُ: الْفِعْلَ السِّيِّئَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=16وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُوَ مِنَ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ، وَوَصْفُ الْعَذَابِ بِالْخِزْيِ: أَبْلَغُ مِنْ وَصْفِهِمْ بِهِ. أَلَا تَرَى إِلَى الْبَوْنِ بَيْنَ قَوْلَيْكَ: هُوَ شَاعِرٌ، وَلَهُ شِعْرُ شَاعِرٍ.