وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين
والمعنى: أنكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن يشهد عليكم جوارحكم; لأنكم كنتم غير عاملين بشهادتها عليكم، بل كنتم جاحدين بالبعث والجزاء أصلا، ولكنكم إنما استترتم لظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما كنتم "تعملون" وهو الخفيات من أعمالكم، وذلك الظن هو الذي أهلككم. وفى هذا تنبيه على أن من حق المؤمن أن لا يذهب عنه، ولا يزل عن ذهنه أن عليه من الله عينا كالئة ورقيبا مهيمنا، حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاما وأوفر تحفظا وتصونا منه مع الملأ، ولا يتبسط في سره مراقبة من التشبه بهؤلاء الظانين. [ ص: 379 ] وقرئ: (ولكن زعمتم) "وذلكم" رفع بالابتداء، و "ظنكم" و "أرداكم" خبران، ويجوز أن يكون "ظنكم" بدلا من "وذلكم" و "أرادكم" الخبر.