إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم
"ثم" لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة. وفضلها عليه; لأن الاستقامة لها الشأن كله. ونحوه قوله تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا [الحجرات: 15] والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته. وعن رضي الله عنه: استقاموا فعلا كما استقاموا قولا. وعنه: أنه تلاها ثم قال: ما تقولون فيها؟ قالوا: لم يذنبوا. قال حملتم الأمر على أشده. قالوا: فما تقول؟ قال: لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان. وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: استقاموا على الطريقة لم يروغوا روغان الثعالب. وعن [ ص: 382 ] عمر رضي الله عنه: أخلصوا العمل. وعن عثمان : أدوا الفرائض. علي رضي الله عنه سفيان بن عبد الله الثقفى رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله، أخبرني بأمر أعتصم به. قال: "قل ربي الله، ثم استقم" قال: فقلت: ما أخوف ما تخاف علي؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه فقال: "هذا" تتنزل عليهم الملائكة عند الموت بالبشرى. وقيل: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفى القبر، وإذا قاموا من قبورهم، وقال ألا تخافوا "أن" بمعنى أي، أو مخففة من الثقيلة. وأصله: بأنه لا تخافوا، والهاء ضمير الشأن. وفى قراءة رضي الله عنه: لا تخافوا، أي: يقولون: لا تخافوا، والخوف: غم يلحق لتوقع المكروه، والحزن: غم يلحق لوقوعه; من فوات ابن مسعود أو حصول ضار. والمعنى: أن الله كتب لكم الأمن من كل غم، فلن تذوقوه أبدا. وقيل: لا تخافوا ما تقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم. كما أن الشياطين قرناء العصاة وإخوانهم، فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين. "تدعون" تتمنون: والنزل: رزق التنزيل وهو الضيف، وانتصابه على الحال. نافع