وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون
للذين آمنوا لأجلهم وهو كلام كفار مكة، قالوا: عامة من يتبع محمدا السقاط، يعنون الفقراء مثل عمار وصهيب ، فلو كان ما جاء به خيرا ما سبقنا إليه هؤلاء. وقيل: لما أسلمت وابن مسعود جهينة ومزينة وأسلم وغفار، قالت بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع: لو كان خيرا ما سبقنا إليه رعاء البهم. وقيل: إن أمة أسلمت، فكان لعمر يضربها حتى يفتر ثم يقول لولا أني فترت لزدتك ضربا، وكان كفار قريش يقولون: لو كان ما يدعو إليه عمر محمد حقا ما سبقتنا إليه فلانة. وقيل: كان اليهود يقولونه عند إسلام وأصحابه. فإن قلت: لا بد من عامل في الظرف في قوله: عبد الله بن سلام وإذ لم [ ص: 498 ] يهتدوا به ومن متعلق لقوله: "فسيقولون" وغير مستقيم أن يكون "فسيقولون" هو العامل في الظرف، لتدافع دلالتي المضي والاستقبال، فما وجه هذا الكلام؟ قلت: العامل في إذ محذوف، لدلالة الكلام عليه، كما حذف في قوله: فلما ذهبوا به [يوسف: 15] وقولهم: حينئذ الآن، وتقديره: وإذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم، فسيقولون هذا إفك قديم، فهذا المضمر صح به الكلام، حيث انتصب به الظرف وكان قوله: "فسيقولون" مسببا عنه كما صح بإضمار أن قوله: حتى يقول الرسول [البقرة: 214] لمصادفة "حتى" مجرورها، والمضارع ناصبه. وقولهم: إفك قديم كقولهم: أساطير الأولين كتاب موسى مبتدأ ومن قبله ظرف واقع خبرا مقدما عليه، وهو ناصب "إماما" على الحال، كقولك: في الدار زيد قائما. وقرئ: ومن قبله كتاب موسى، على: وآتينا الذين قبله التوراة. ومعنى "إماما": قدوة يؤتم به في دين الله وشرائعه، كما يؤتم بالإمام "ورحمة" لمن آمن به وعمل بما فيه "وهذا" القرآن كتاب مصدق لكتاب موسى، أو لما بين يديه وتقدمه من جميع الكتب. وقرئ (مصدق لما بين يديه). لسانا عربيا حال من ضمير الكتاب في مصدق، والعامل فيه "مصدق" ويجوز أن ينتصب حالا عن كتاب لتخصصه بالصفة، ويعمل فيه معنى الإشارة. وجوز أن يكون مفعولا لمصدق، أي: يصدق ذات لسان عربي وهو الرسول. وقرئ: (لينذر) بالياء والتاء، ولينذر: من نذر ينذر إذا حذر "وبشرى" في محل النصب معطوف على محل لينذر; لأنه مفعول له.