والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي وهما يستغيثان الله ويلك آمن إن وعد الله حق فيقول ما هذا إلا أساطير الأولين أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين
والذي قال لوالديه مبتدأ خبره: أولئك الذين حق عليهم القول . والمراد بـ "الذي" قال: الجنس القائل ذلك القول، ولذلك وقع الخبر مجموعا. وعن هو في الكافر العاق لوالديه المكذب بالبعث. وعن الحسن: : هو نعت عبد سوء عاق لوالديه فاجر لربه. وقيل: نزلت في قتادة قبل إسلامه وقد دعاه أبوه عبد الرحمن بن أبي بكر وأمه أبو بكر أم رومان إلى الإسلام، فأفف بهما وقال: ابعثوا لي جدعان بن عمرو وعثمان بن عمرو ، وهما من أجداده حتى أسألهما عما يقول محمد، ويشهدوا لبطلانه أن المراد بالذي قال: جنس القائلين ذلك، وأن قوله الذين حق عليهم القول: هم أصحاب النار، كان من أفاضل [ ص: 501 ] المسلمين وسرواتهم. وعن وعبد الرحمن رضي الله عنها إنكار نزولها فيه، وحين كتب عائشة إلى معاوية بأن يبايع الناس مروان ليزيد قال : لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال عبد الرحمن : يا أيها الناس، هو الذي قال الله فيه: مروان والذي قال لوالديه أف لكما فسمعت فغضبت وقالت: والله ما هو به، ولو شئت أن أسميه لسميته ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه، فأنت فضض من لعنة الله. وقرئ: (أف) بالكسر والفتح بغير [ ص: 502 ] تنوين، وبالحركات الثلاث مع التنوين، وهو صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر، كما إذا قال: حس، علم منه أنه متوجع، واللام للبيان، معناه: هذا التأفيف لكما خاصة، ولأجلكما دون غيركما. وقرئ: (أتعدانني) بنونين. وأتعداني: بأحدهما . وأتعداني: بالإدغام. وقد قرأ بعضهم: أتعدانني بفتح النون، كأنه استثقل اجتماع النونين والكسرتين والياء، ففتح الأولى تحريا للتخفيف، كما تحراه من أدغم ومن أطرح أحدهما عائشة أن أخرج أن ابعث واخرج من الأرض. وقرئ: (أخرج) وقد خلت القرون من قبلي يعني: ولم يبعث منهم أحد يستغيثان الله يقولان: الغياث بالله منك ومن قولك، وهو استعظام لقوله: "ويلك" دعاء عليه بالثبور: والمراد به الحث والتحريض على الإيمان لا حقيقة الهلاك في أمم نحو قوله: في أصحاب الجنة [الأحقاف: 16] وقرئ: (أن) بالفتح، على معنى: آمن بأن وعد الله حق.