[ ص: 514 ] سورة محمد صلى الله عليه وسلم
مدنية عند . وقال مجاهد الضحاك : مكية. وسعيد بن جبير
وهي سورة القتال وهي تسع وثلاثون آية.
وقيل ثمان وثلاثون [نزلت بعد الحديد]
بسم الله الرحمن الرحيم
الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم
"وصدوا" وأعرضوا وامتنعوا عن الدخول في الإسلام، أو صدوا غيرهم عنه. قال رضي الله عنه: هم المطعمون يوم بدر. وعن ابن عباس : كانوا اثني عشر رجلا من أهل الشرك يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر. وقيل: هم أهل الكتاب الذين كفروا وصدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام. وقيل: هو عام في كل من كفر وصد مقاتل أضل أعمالهم أبطلها وأحبطها. وحقيقته: جعلها ضالة ضائعة ليس لها من يتقبلها ويثيب عليها، كالضالة من الإبل التي هي بمضيعة لا رب لها يحفظها ويعتني بأمرها، أو جعلها ضالة في كفرهم معاصيهم ومغلوبة بها، كما يضل الماء في اللبن. وأعمالهم: ما عملوه في كفرهم بما كانوا يسمونه مكارم: من صلة الأرحام وفك الأسارى وقرى الأضياف وحفظ الجوار. وقيل: أبطل ما عملوه من الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيل الله: بأن نصره عليهم وأظهر دينه على الدين كله.
[ ص: 515 ] والذين آمنوا قال : هم ناس من مقاتل قريش. وقيل: من الأنصار. وقيل: هم مؤمنوا أهل الكتاب. وقيل: هو عام. وقوله: وآمنوا بما نزل على محمد اختصاص للإيمان بالمنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين ما يجب به الإيمان تعظيما لشأنه وتعليما; لأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به. وأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله: وهو الحق من ربهم وقيل: معناها إن دين محمد هو الحق، إذ لا يرد عليه النسخ، وهو ناسخ لغيره. وقرئ: (نزل وأنزل)، على البناء للمفعول. ونزل على البناء للفاعل، ونزل بالتخفيف كفر عنهم سيئاتهم ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ما كان منهم من الكفر والمعاصي لرجوعهم عنها وتوبتهم وأصلح بالهم أي حالهم وشأنهم بالتوفيق في أمور الدين، وبالتسليط على الدنيا بما أعطاهم من النصرة والتأييد.