"لو" مع ما في حيزه صلة لـ "الذين" ، والمراد بهم : الأوصياء ، أمروا بأن يخشوا الله [ ص: 30 ] فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى ويشفقوا عليهم ، خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا وشفقتهم عليهم، وأن يقدروا ذلك في أنفسهم ويصوروه حتى لا يجسروا على خلاف الشفقة والرحمة ، ويجوز أن يكون المعنى : وليخشوا على اليتامى من الضياع ، وقيل : هم الذين يجلسون إلى المريض فيقولون : إن ذريتك لا يغنون عنك من الله شيئا ، فقدم مالك ، فيستغرقه بالوصايا ، فأمروا بأن يخشوا ربهم ، أو يخشوا على أولاد المريض ويشفقوا عليهم شفقتهم على أولاد أنفسهم لو كانوا ، ويجوز أن يتصل بما قبله وأن يكون أمرا بالشفقة للورثة على الذين يحضرون القسمة من ضعفاء أقاربهم واليتامى والمساكين وأن يتصوروا أنهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضائعين محتاجين . هل كانوا يخافون عليهم الحرمان والخيبة؟ فإن قلت : ما معنى وقوع لو تركوا : وجوابه صلة لـ "الذين" قلت : معناه : وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافا ، وذلك عند احتضارهم خافوا عليهم الضياع بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم ، كما قال القائل [من الوافر] :
لقد زاد الحياة إلي حبا بناتي أنهن من الضعاف أحاذر أن يرين البؤس بعدي
وأن يشربن رنقا بعد صافي
وقرئ : "ضعفاء" ، "وضعافى" ، "وضعافى" . نحو سكارى ، وسكارى ، والقول السديد من الأوصياء : ألا يؤذوا اليتامى ويكلموهم كما يكلمون أولادهم بالأدب الحسن والترحيب ، ويدعوهم بـ "يا بني ويا ولدي" ، ومن الجالسين إلى المريض أن يقولوا له إذا أراد الوصية : لا تسرف في وصيتك فتجحف بأولادك ، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : لسعد وكان الصحابة [ ص: 31 ] -رضي الله عنهم - يستحبون أن لا تبلغ الوصية الثلث وأن الخمس أفضل من الربع والربع أفضل من الثلث ، ومن المتقاسمين ميراثهم أن يلطفوا القول ويجملوه للحاضرين . "إنك إن تترك ولدك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس"