يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير
تفسحوا في المجالس توسعوا فيه وليفسح بعضكم عن بعض، من قولهم: أفسح عني، أي: تنح; ولا تتضاموا. وقرئ: تفاسحوا والمراد: مجلس رسول الله، وكانوا يتضامون فيه تنافسا على القرب منه، وحرصا على استماع كلامه، وقيل: هو المجلس من مجالس القتال، وهي مراكز الغزاة، كقوله تعالى: مقاعد للقتال وقرئ: "في المجالس" قيل: كان الرجل يأتي الصف فيقول: تفسحوا، فيأبون لحرصهم على الشهادة. وقرئ: "في المجلس" بفتح اللام: وهو الجلوس، أي: توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه يفسح الله لكم مطلق في كل ما يبتغي الناس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغير ذلك.
"انشزوا" انهضوا للتوسعة على المقبلين. أو انهضوا عن مجلس رسول الله إذا أمرتم بالنهوض عنه، ولا تملوا رسول الله بالارتكاز فيه: أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم، ولا تثبطوا ولا تفرطوا.
يرفع الله المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسوله، والعالمين منهم خاصة. درجات والله بما تعملون قرئ: بالتاء والياء. عن - رضي الله عنه -: أنه كان إذا قرأها قال: يا أيها الناس، افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: " عبد الله بن مسعود بين العالم والعابد مائة درجة، بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة ". وعنه [ ص: 66 ] - عليه السلام -: " " وعنه عليه السلام: فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وعن يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء، ثم الشهداء فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله. : خير ابن عباس سليمان بين العلم والمال والملك، فاختار العلم فأعطي المال والملك معه.
[ ص: 67 ] وقال - عليه السلام -: " وأوحى الله إلى إبراهيم، يا إبراهيم، إني عليم أحب كل عليم " وعن بعض الحكماء: ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم، وأي شيء فات من أدرك العلم، وعن : كاد العلماء يكونون أربابا، وكل عز لم يوطد بعلم فإلى ذل ما يصير. وعن الأحنف الزبيري : العلم ذكر فلا يحبه إلا ذكورة الرجال.