واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما
يأتين الفاحشة : يرهقنها . يقال : أتى الفاحشة وجاءها وغشيها ورهقها بمعنى ، وفي قراءة : "يأتين بالفاحشة" ، والفاحشة : الزنا; لزيادتها في القبح على كثير من القبائح ابن مسعود فأمسكوهن في البيوت : قيل معناه : فخلدوهن محبوسات في بيوتكم ، وكان [ ص: 41 ] ذلك عقوبتهن في أول الإسلام . ثم نسخ بقوله تعالى : الزانية والزاني . . الآية [النور : 2] ويجوز أن تكون غير منسوخة بأن يترك ذكر الحد لكونه معلوما بالكتاب والسنة ، ويوصي بإمساكهن في البيوت ، بعد أن يحددن صيانة لهن عن مثل ما جرى عليهن بسبب الخروج من البيوت والتعرض للرجال أو يجعل الله لهن سبيلا : هو النكاح الذي يستغنين به عن السفاح ، وقيل : السبيل هو الحد . لأنه لم يكن مشروعا ذلك الوقت . فإن قلت : ما معنى يتوفاهن الموت والتوفي والموت بمعنى واحد ، كأنه قيل : حتى يميتهن الموت؟ قلت : يجوز أن يراد حتى يتوفاهن ملائكة الموت ، كقوله : الذين تتوفاهم الملائكة [النحل : 28] إن الذين توفاهم الملائكة [النساء : 97] قل يتوفاكم ملك الموت [السجدة : 11] أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن واللذان يأتيانها منكم : يريد الزاني والزانية فآذوهما : فوبخوهما وذموهما وقولوا لهما : أما استحييتما ، أما خفتما الله فإن تابا وأصلحا وغيرا الحال فأعرضوا عنهما : واقطعوا التوبيخ والمذمة ، فإن التوبة تمنع استحقاق الذم والعقاب ، ويحتمل أن يكون خطابا للشهود العاثرين على سرهما ، ويراد بالإيذاء ذمهما وتعنيفهما وتهديدهما بالرفع إلى الإمام والحد ، فإن تابا قبل الرفع إلى الإمام فأعرضوا عنهما ولا تتعرضوا لهما ، وقيل : نزلت الأولى في السحاقات وهذه في اللواطين ، وقرئ : "واللذان" بتشديد النون . "واللذأن" : بالهمزة وتشديد النون .