قوامون على النساء : يقومون عليهن آمرين ناهين ، كما يقوم الولاة على الرعايا ، وسموا قواما لذلك ، والضمير في بعضهم : للرجال والنساء جميعا ، يعني إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم وهم الرجال ، على بعض وهم النساء ، وفيه دليل على أن ، وقد ذكروا في فضل الرجال : العقل ، والحزم ، والعزم ، والقوة ، والكتابة - في الغالب - والفروسية ، والرمي ، وأن منهم الأنبياء والعلماء ، وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى ، والجهاد ، والأذان ، والخطبة ، والاعتكاف ، وتكبيرات التشريق عند الولاية إنما تستحق بالفضل ، لا بالتغلب والاستطالة والقهر ، والشهادة في الحدود والقصاص ، وزيادة السهم ، والتعصيب في الميراث ، والحمالة ، والقسامة ، والولاية في النكاح والطلاق والرجعة ، وعدد الأزواج ، وإليهم الانتساب ، وهم أصحاب اللحى والعمائم أبي حنيفة وبما أنفقوا : وبسبب ما أخرجوا في نكاحهن من أموالهم في المهور والنفقات ، وروي : أن سعد بن أبي الربيع وكان نقيبا من نقباء الأنصار نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير . فلطمها . فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : أفرشته كريمتي فلطمها فقال : "لتقتص منه" فنزلت ، فقال صلى الله عليه وسلم : أردنا أمرا وأراد الله أمرا ، والذي أراد الله خير ، ورفع القصاص ، واختلف في ذلك ، فقيل لا قصاص بين الرجل [ ص: 68 ] وامرأته فيما دون النفس ولو شجها ، ولكن يجب العقل ، وقيل : لا قصاص إلا في الجرح والقتل ، وأما اللطمة ونحوها فلا قانتات : مطيعات قائمات بما عليهن للأزواج حافظات للغيب الغيب خلاف الشهادة . أي : حافظات لمواجب الغيب إذا كان الأزواج غير شاهدين لهن حفظهن ما يجب عليهن حفظه في حال الغيبة من الفروج والبيوت والأموال ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : "خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك ، وإن أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالها ونفسها" ، وتلا الآية وقيل : للغيب : [ ص: 69 ] لأسرارهم بما حفظ الله : بما حفظهن الله حين أوصى بهن الأزواج في كتابه وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام فقال : أو بما حفظهن الله [ ص: 70 ] وعصمهن ووفقهن لحفظ الغيب ، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على حفظ الغيب ، وأوعدهن بالعذاب الشديد على الخيانة ، و “ ما" مصدرية ، وقرئ "بما حفظ الله" بالنصب على أن "ما" موصولة ، أي : حافظات للغيب بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانة الله ، وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم ، وقرأ "استوصوا بالنساء خيرا" : "فالصوالح قوانت حوافظ للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن" . نشوزها ونشوصها : أن تعصي زوجها ، ولا تطمئن إليه وأصله الانزعاج ابن مسعود في المضاجع : في المراقد . أي : لا تدخلوهن تحت اللحف أو هي كناية عن الجماع ، وقيل : هو أن يوليها ظهره في المضجع وقيل : "في المضاجع" : في بيوتهن التي يبتن فيها . أي : لا تبايتوهن ، وقرئ : "في المضجع" و “ في المضطجع" ، وذلك لتعرف أحوالهن، وتحقق أمرهن في النشوز أمر بوعظهن أولا ، ثم هجرانهن في المضاجع ، ثم بالضرب إن لم ينجع فيهن الوعظ والهجران ، وقيل : معناه أكرهوهن على الجماع وأربطوهن ، من هجر البعير إذا شده بالهجار ، وهذا من تفسير الثقلاء ، وقالوا : يجب أن يكون ضربا غير مبرح لا يجرحها ولا يكسر لها عظما ويجتنب الوجه ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : "علق سوطك حيث يراه أهلك". [ ص: 71 ] وعن - رضي الله عنهما - : كنت رابعة أربع نسوة عند أسماء بنت أبي بكر الصديق ، فإذا غضب على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها ، ويروى عن الزبير بن العوام أبيات منها [من الطويل] : الزبير
ولولا بنوها حولها لخبطتها فلا تبغوا عليهن سبيلا
فأزيلوا عنهن التعرض بالأذى والتوبيخ والتجني ، وتوبوا عليهن واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن بعد رجوعهن إلى الطاعة والانقياد وترك النشوز ، [ ص: 72 ] إن الله كان عليا كبيرا : فاحذروه واعلموا أن قدرته عليكم أعظم من قدرتكم على من تحت أيديكم ، ويروى : أبا مسعود الأنصاري رفع سوطه ليضرب غلاما له ، فبصر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصاح به : أبا مسعود ، لله أقدر عليك منك عليه" فرمى بالسوط وأعتق الغلام . أو إن الله كان عليا كبيرا وإنكم تعصونه على علو شأنه وكبرياء سلطانه ، ثم تتوبون فيتوب عليكم فأنتم أحق بالعفو عمن يجني عليكم إذا رجع . أن