مراغما : مهاجرا وطريقا يراغم بسلوكه قومه ، أي : يفارقهم على رغم أنوفهم ، والرغم : الذل والهوان ، وأصله لصوق الأنف بالرغام - وهو التراب - يقال : راغمت الرجل إذا فارقته وهو يكره مفارقتك لمذلة تلحقه بذلك . قال [من المتقارب] : النابغة الجعدي
كطود يلاذ بأركانه عزيز المراغم والمذهب
[ ص: 139 ] وقرئ "مرغما" وقرئ ، "ثم يدركه الموت" : بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وقيل : رفع الكاف منقول من الهاء كأنه أراد أن يقف عليها ، ثم نقل حركة الهاء إلى الكاف ، كقوله [من الرجز] :
من عنزي سبني لم أضربه
وقرئ "يدركه" بالنصب على إضمار أن ، كقوله [من الوافر] :
وألحق بالحجاز فأستريحا
[ ص: 140 ] فقد وقع أجره على الله : فقد وجب ثوابه عليه ، وحقيقة الوجوب : الوقوع والسقوط فإذا وجبت جنوبها [الحج : 36] ووجبت الشمس : سقط قرصها ، والمعنى : فقد علم الله كيف يثيبه وذلك واجب عليه ، وروي في قصة جندب بن ضمرة : أنه لما أدركه الموت أخذ يصفق بيمينه على شماله ثم قال : اللهم هذه لك ، وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه رسولك . فمات حميدا فبلغ خبره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : لو توفي بالمدينة لكان أتم أجرا ، وقال المشركون وهم يضحكون : ما أدرك هذا ما طلب . فنزلت ، وقالوا : كل هجرة لغرض ديني - من طلب علم ، أو حج ، أو جهاد ، أو فرار إلى بلد يزداد فيه طاعة أو قناعة وزهدا في الدنيا ، أو ابتغاء رزق طيب - فهي هجرة إلى الله ورسوله ، وإن أدركه الموت في طريقه ، فأجره واقع على الله .