إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في [ ص: 229 ] الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم
يحاربون الله ورسوله : يحاربون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومحاربة المسلمين في حكم محاربته ويسعون في الأرض فسادا : مفسدين ، أو لأن سعيهم في الأرض لما كان على طريق الفساد نزل منزلة : ويفسدون في الأرض فانتصب "فسادا" . على المعنى ، ويجوز أن يكون مفعولا له ، أي : الفساد . نزلت في قوم هلال بن عويمر وكان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد وقد مر بهم قوم يريدون رسول الله فقطعوا عليهم ، وقيل : في العرنيين ، فأوحى إليه أن من جمع بين القتل وأخذ المال قتل وصلب ومن أفرد القتل قتل ، ومن أفرد أخذ المال قطعت يده لأخذ المال ، ورجله لإخافة السبيل ، ومن أفرد الإخافة نفي من الأرض ، وقيل : هذا حكم كل قاطع طريق كافرا كان أو مسلما ، ومعناه أن يقتلوا من غير صلب ، إن أفردوا القتل أو يصلبوا : مع القتل إن جمعوا بين القتل والأخذ . قال ومحمد رحمهما الله : يصلب حيا ، ويطعن حتى يموت أبو حنيفة أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف : إن أخذوا المال أو ينفوا من الأرض : إذا لم يزيدوا على الإخافة ، وعن جماعة منهم الحسن إن الإمام مخير بين هذه العقوبات في كل قاطع طريق من غير تفضيل ، والنفي : الحبس عند والنخعي : ، وعند أبي حنيفة : النفي من بلد إلى بلد ، لا يزال يطلب وهو هارب فزعا ، وقيل : ينفى من بلده ، وكانوا ينفونهم إلى "دهلك" وهو بلد في أقصى تهامة ، و "ناصع" وهو بلد من بلاد الشافعي الحبشة خزي : ذل وفضيحة إلا الذين تابوا : استثناء من المعاقبين عقاب قطع الطريق خاصة ، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال فإلى الأولياء، إن شاءوا عفوا ، وإن شاءوا استوفوا ، وعن - رضي الله عنه - : أن علي الحارث بن بدر جاءه تائبا بعدما كان يقطع الطريق ، فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة .