nindex.php?page=treesubj&link=28976_29675_30291_30473_30503_32416_32429_34134_34135nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69والصابئون رفع على الابتداء وخبره محذوف ، والنية به التأخير عما في حيز "إن" من اسمها وخبرها ، كأنه قيل : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا ، والصابئون كذلك ، وأنشد سيبويه شاهدا له [من الوافر] :
وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق
[ ص: 273 ] أي : فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك ، فإن قلت : هلا زعمت أن ارتفاعه للعطف على محل "إن" واسمها؟ قلت : لا يصح ذلك قبل الفراغ من الخبر ، لا تقول : إن زيدا وعمرو منطلقان . فإن قلت لم لا يصح والنية به التأخير ، فكانك قلت : إن زيدا منطلق وعمرو؟ قلت : لأني إذا رفعته رفعته عطفا على محل "إن" واسمها ، والعامل في محلهما هو الابتداء ، فيجب أن يكون هو العامل في الخبر لأن الابتداء ينتظم الجزأين في عمله كما تنتظمها "إن" في عملها; فلو رفعت "الصابئون" المنوي به التأخير بالابتداء وقد رفعت الخبر بـ “ إن" لأعملت فيها رافعين مختلفين . فإن قلت : فقوله و “ الصابئون" معطوف لا بد له من معطوف عليه فما هو؟ قلت : هو مع خبره المحذوف جملة معطوفة على جملة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إن الذين آمنوا . . . الخ ولا محل لها ، كما لا محل للتي عطفت عليها ، فإن قلت : ما التقديم والتأخير إلا لفائدة ، فما فائدة هذا التقديم؟ قلت : فائدته التنبيه على أن الصابئين يتاب عليهم إن صح منهم الإيمان والعمل الصالح ، فما الظن بغيرهم ، وذلك أن الصابئين أبين هؤلاء المعدودين ضلالا وأشدهم غيا ، وما سموا صابئين إلا لأنهم صبئوا عن الأديان كلها ، أي : خرجوا ، كما أن الشاعر قدم قوله : "وأنتم" تنبيها على أن المخاطبين أوغل في الوصف بالبغاة من قومه ، حيث عاجل به قبل الخبر الذي هو "بغاة" لئلا يدخل قومه في البغي قبلهم ، مع كونهم أوغل فيه منهم وأثبت قدما فإن قلت : فلو قيل : والصابئين وإياكم لكان التقديم حاصلا . قلت : لو قيل هكذا لم يكن من التقديم في شيء ، لأنه لا إزالة فيه عن موضعه ، وإنما يقال : مقدم ومؤخر للمزال لا للقار في مكانه ، ومجرى هذه الجملة مجرى الاعتراض في الكلام ، فإن قلت : كيف قال
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69الذين آمنوا [ ص: 274 ] ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69من آمن ؟ قلت : فيه وجهان : أحدهما : أن يراد بالذين آمنوا : الذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون وأن يراد بـ “ من آمن" . من ثبت على الإيمان واستقام ولم يخالجه ريبة فيه . فإن قلت : ما محل "من آمن" قلت : إما الرفع على الابتداء وخبره
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69فلا خوف عليهم والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ثم الجملة كما هي خبر "إن" ، وإما النصب على البدل من اسم "إن" وما عطف عليه ، أو من المعطوف عليه . فإن قلت : فأين الراجع إلى اسم "إن"؟ قلت : هو محذوف تقديره من آمن منهم ، كما جاء في موضع آخر ، وقرئ : "والصابيون" ، بياء صريحة ، وهو من تخفيف الهمزة ، كقراءة من قرأ : "يستهزئون" . "والصابون" : وهو من صبوت ، لأنهم صبوا إلى اتباع الهوى والشهوات في دينهم ولم يتبعوا أدلة العقل والسمع ، وفي قراءة -
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله عنه - : "والصابئين" ، بالنصب ، وبها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، وقرأ
عبد الله : "يا أيها الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون" .
nindex.php?page=treesubj&link=28976_29675_30291_30473_30503_32416_32429_34134_34135nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69وَالصَّابِئُونَ رُفِعَ عَلَى الابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، وَالنِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ عَمَّا فِي حَيِّزِ "إِنَّ" مِنِ اسْمِهَا وَخَبَرِهَا ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى حُكْمُهُمْ كَذَا ، وَالصَّابِئُونَ كَذَلِكَ ، وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ شَاهِدًا لَهُ [مِنَ الْوَافِرِ] :
وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُمْ بُغَاةٌ مَا بَقِينَا فِي شِقَاقِ
[ ص: 273 ] أَيْ : فَاعْلَمُوا أَنَّا بُغَاةٌ وَأَنْتُمْ كَذَلِكَ ، فَإِنْ قُلْتَ : هَلَّا زَعَمْتَ أَنَّ ارْتِفَاعَهُ لِلْعَطْفِ عَلَى مَحَلِّ "إِنَّ" وَاسْمِهَا؟ قُلْتُ : لا يَصِحُّ ذَلِكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخَبَرِ ، لا تَقُولُ : إِنَّ زَيْدًا وَعَمْرٌو مُنْطَلَقَانِ . فَإِنْ قُلْتَ لِمَ لا يَصِحُّ وَالنِّيَّةُ بِهِ التَّأْخِيرُ ، فَكَانَّكَ قُلْتَ : إِنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ وَعَمْرٌو؟ قُلْتُ : لِأَنِّي إِذَا رَفَعْتُهُ رَفْعَتُهُ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ "إِنَّ" وَاسْمِهَا ، وَالْعَامِلُ فِي مَحَلِّهِمَا هُوَ الابْتِدَاءُ ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْعَامِلَ فِي الْخَبَرِ لِأَنَّ الابْتِدَاءَ يَنْتَظِمُ الْجُزْأَيْنِ فِي عَمَلِهِ كَمَا تَنْتَظِمُهَا "إِنَّ" فِي عَمَلِهَا; فَلَوْ رَفَعْتَ "الصَّابِئُونَ" الْمَنَوِيَّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالابْتِدَاءِ وَقَدْ رَفَعْتَ الْخَبَرَ بِـ “ إِنَّ" لَأَعْمَلْتَ فِيهَا رَافِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ . فَإِنْ قُلْتَ : فَقَوْلُهُ وَ “ الصَّابِئُونَ" مَعْطُوفٌ لا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ فَمَا هُوَ؟ قُلْتُ : هُوَ مَعَ خَبَرِهِ الْمَحْذُوفِ جُمْلَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا . . . الْخَ وَلا مَحَلَّ لَهَا ، كَمَا لا مَحَلَّ لِلَّتِي عُطِفَتْ عَلَيْهَا ، فَإِنْ قُلْتَ : مَا التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ إِلَّا لِفَائِدَةٍ ، فَمَا فَائِدَةُ هَذَا التَّقْدِيمِ؟ قُلْتُ : فَائِدَتُهُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الصَّابِئِينَ يُتَابُ عَلَيْهِمْ إِنْ صَحَّ مِنْهُمُ الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ ، فَمَا الظَّنُّ بِغَيْرِهِمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ الصَّابِئِينَ أَبْيَنُ هَؤُلاءِ الْمَعْدُودِينَ ضَلالًا وَأَشَدُّهُمْ غَيًّا ، وَمَا سُمُّوا صَابِئِينَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ صَبَئُوا عَنِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا ، أَيْ : خَرَجُوا ، كَمَا أَنَّ الشَّاعِرَ قَدَّمَ قَوْلَهُ : "وَأَنْتُمْ" تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ أَوْغَلُ فِي الْوَصْفِ بِالْبُغَاةِ مِنْ قَوْمِهِ ، حَيْثُ عَاجَلَ بِهِ قَبْلَ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ "بُغَاةٌ" لِئَلَّا يَدْخُلَ قَوْمُهُ فِي الْبَغْيِ قَبْلَهُمْ ، مَعَ كَوْنِهِمْ أَوْغَلَ فِيهِ مِنْهُمْ وَأَثْبَتَ قَدَمًا فَإِنْ قُلْتَ : فَلَوْ قِيلَ : وَالصَّابِئِينَ وَإِيَّاكُمْ لَكَانَ التَّقْدِيمُ حَاصِلًا . قُلْتُ : لَوْ قِيلَ هَكَذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّقْدِيمِ فِي شَيْءٍ ، لِأَنَّهُ لا إِزَالَةَ فِيهِ عَنْ مَوْضِعِهِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ : مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ لِلْمُزَالِ لا لِلْقَارِ فِي مَكَانِهِ ، وَمَجْرَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَجْرَى الاعْتِرَاضِ فِي الْكَلامِ ، فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69الَّذِينَ آمَنُوا [ ص: 274 ] ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69مَنْ آمَنَ ؟ قُلْتُ : فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُرَادَ بِالَّذِينِ آمَنُوا : الَّذِينَ آمَنُوا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ وَأَنْ يُرَادَ بِـ “ مَنْ آمَنَ" . مَنْ ثَبَتَ عَلَى الْإِيمَانِ وَاسْتَقَامَ وَلَمْ يُخَالِجْهُ رِيبَةٌ فِيهِ . فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَحَلُّ "مَنْ آمَنَ" قُلْتُ : إِمَّا الرَّفْعُ عَلَى الابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=69فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَالْفَاءُ لِتَضَمُّنِ الْمُبْتَدَأِ مَعْنَى الشَّرْطِ ثُمَّ الْجُمْلَةُ كَمَا هِيَ خَبَرُ "إِنَّ" ، وَإِمَّا النَّصْبُ عَلَى الْبَدَلِ مِنِ اسْمِ "إِنَّ" وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ، أَوْ مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ . فَإِنْ قُلْتَ : فَأَيْنَ الرَّاجِعُ إِلَى اسْمِ "إِنَّ"؟ قُلْتُ : هُوَ مَحْذُوفُ تَقْدِيرُهُ مَنْ آمَنُ مِنْهُمْ ، كَمَا جَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَقُرِئَ : "وَالصَّابِيُونَ" ، بِيَاءٍ صَرِيحَةٍ ، وَهُوَ مِنْ تَخْفِيفِ الْهَمْزَةِ ، كَقِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ : "يَسْتَهْزِئُونَ" . "وَالصَّابُونَ" : وَهُوَ مِنْ صَبَوْتُ ، لِأَنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى اتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ فِي دِينِهِمْ وَلَمْ يَتَّبِعُوا أَدِلَّةَ الْعَقْلِ وَالسَّمْعِ ، وَفِي قِرَاءَةِ -
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : "وَالصَّابِئِينَ" ، بِالنَّصْبِ ، وَبِهَا قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ، وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ" .