يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينـزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين
الجملة الشرطية والمعطوفة عليها أعني قوله : إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينـزل القرآن تبد لكم صفة للأشياء ، والمعنى : لا تكثروا مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسألوه عن تكاليف شاقة عليكم ، وإن أفتاكم بها وكلفكم إياها تغمكم وتشق عليكم وتندموا على السؤال عنها ، وذلك نحو ما روي :سراقة بن مالك أو قال : يا رسول الله ، الحج علينا كل عام؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أعاد مسألته ثلاث مرات ، فقال صلى الله عليه وسلم : "ويحك! ما يؤمنك أن أقول نعم؟ والله لو قلت : نعم لوجبت ، ولو وجبت ما استطعتم ، ولو تركتم لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" . عكاشة بن محصن أن
[ ص: 301 ] وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن : وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان [ ص: 302 ] الوحي وهو ما دام الرسول بين أظهركم يوحى إليه ، تبد لكم . تلك التكاليف الصعبة التي تسؤكم ، وتؤمروا بتحملها ، فتعرضون أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها عفا الله عنها : عفا الله عما سلف ، من مسألتكم ، فلا تعودوا إلى مثلها والله غفور حليم : لا يعالجكم فيما يفرط منكم بعقوبته . فإن قلت : كيف قال : لا تسألوا عن أشياء ثم قال : قد [ ص: 303 ] سألها ولم يقل . قد سأل عنها؟ قلت : الضمير في سألها : ليس براجع إلى أشياء حتى تجب تعديته بـ “ عن" ، وإنما هو راجع إلى المسالة التي دل عليها لا تسألوا يعني قد سأل قوم هذه المسألة من الأولين ثم أصبحوا بها أي : بمرجوعها أو بسببها كافرين وذلك أن بني إسرائيل كانوا يستفتون أنبياءهم عن أشياء ، فإذا أمروا بها تركوها فهلكوا .