أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون
"أفتطمعون": الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين، أن يؤمنوا لكم : أن يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم ويستجيبوا لكم، كقوله: فآمن له لوط [العنكبوت: 26] يعني اليهود، وقد كان فريق : طائفة فيمن سلف منهم، يسمعون كلام الله : وهو ما يتلونه من التوراة، ثم يحرفونه : كما حرفوا صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآية الرجم، وقيل: كان قوم من السبعين المختارين سمعوا كلام الله حين كلم موسى بالطور وما أمر به ونهي، ثم قالوا: سمعنا الله يقول في آخره: إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا، وإن شئتم فلا تفعلوا فلا بأس، وقرئ: (كلم الله)، من بعد ما عقلوه : من بعد ما فهموه وضبطوه بعقولهم ولم تبق لهم شبهة في صحته، وهم يعلمون : أنهم كاذبون مفترون، والمعنى: إن كفر هؤلاء وحرفوا فلهم سابقة في ذلك، وإذا لقوا : يعني اليهود، "قالوا": قال منافقوهم، "آمنا": بأنكم على الحق، وأن محمدا هو الرسول المبشر به، وإذا خلا بعضهم : الذين لم ينافقوا، إلى بعض : الذين نافقوا، "قالوا": عاتبين عليهم: [ ص: 288 ] أتحدثونهم بما فتح الله عليكم : بما بين لكم في التوراة من صفة محمد، أو قال المنافقون لأعقابهم يرونهم التصلب في دينهم: أتحدثونهم؛ إنكارا عليهم أن يفتحوا عليهم شيئا في كتابهم فينافقون المؤمنين وينافقون اليهود، ليحاجوكم به عند ربكم : ليحتجوا عليكم بما أنزل ربكم في كتابه، جعلوا محاجتهم به، وقولهم هو في كتابكم هكذا محاجة عند الله، ألا تراك تقول: هو في كتاب الله هكذا، وهو عند الله هكذا، بمعنى واحد، "يعلم": جميع، ما يسرون وما يعلنون : ومن ذلك إسرارهم الكفر وإعلانهم الإيمان.