من بعدهم : الضمير للرسل في قوله : ولقد جاءتهم رسلهم [الأعراف : 101] ، أو للأمم ، "فظلموا" : فكفروا بآياتنا ، أجرى الظلم مجرى الكفر ; لأنهما من واد واحد إن الشرك لظلم عظيم [لقمان : 13] ، أو فظلموا الناس بسببها حين أوعدوهم وصدوهم عنها ، وآذوا من آمن بها ; ولأنه إذا وجب الإيمان بها فكفروا بدل الإيمان ، كان كفرهم بها ظلما ; فلذلك قيل : فظلموا بها ، أي : كفروا بها واضعين الكفر غير موضعه ، وهو موضع الإيمان ، يقال لملوك مصر : "الفراعنة" ، كما يقال لملوك فارس : "الأكاسرة" ، فكأنه قال : يا ملك مصر ، وكان اسمه "قابوس" ، وقيل : "الوليد بن مصعب بن الريان " حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق : فيه أربع قراءات ، المشهورة : "وحقيق علي أن لا أقول" ، وهي قراءة "وحقيق أن لا أقول" ، وهي قراءة نافع ، عبد الله ، و “ حقيق بأن لا [ ص: 483 ] أقول" وهي قراءة وفي المشهورة إشكال ، ولا تخلو من وجوه . أبي ،
أحدها : أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس ; كقوله [من الطويل]
............... وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر
ومعناه : وتشقى الضياطرة بالرماح ، "وحقيق علي أن لا أقول" ، وهي قراءة نافع .
[ ص: 484 ] والثاني : أن ما لزمك فقد لزمته ، فلما كان قول الحق حقيقا عليه ، كان هو حقيقا على قول الحق ، أي : لازما له .
والثالث : أن يضمن : " حقيق " معنى حريص ، كما ضمن : " هيجني " معنى ذكرني في بيت الكتاب .
والرابع - وهو الأوجه - الأدخل في نكت القرآن : أن يغرق موسى في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام ، لا سيما وقد روي أن عدو الله فرعون قال له لما قال : إني رسول من رب العالمين ، كذبت ، فيقول : أنا حقيق علي قول الحق ، أي : واجب علي قول الحق أن أكون أنا قائله ، والقائم به ، ولا يرضى إلا بمثلي ناطقا به فأرسل معي بني إسرائيل : فخلهم حتى يذهبوا معي ، راجعين إلى الأرض المقدسة التي هي وطنهم ومولد آبائهم ، وذلك أن يوسف - عليه السلام - لما توفي ، وانقرضت الأسباط ، غلب فرعون نسلهم ، واستعبدهم ، فأنقذهم الله بموسى - عليه السلام - وكان بين اليوم الذي دخل يوسف مصر واليوم الذي دخله موسى أربعمائة عام .