فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون   
فإذا جاءتهم الحسنة   : من الخصب والرخاء قالوا لنا هذه   : أي : هذه مختصة بنا ، ونحن مستحقوها ، ولم نزل في النعمة والرفاهية ، واللام مثلها في قولك : الجل للفرس وإن تصبهم سيئة   : من ضيقة وجدب يطيروا بموسى ومن معه   : يتطيروا بهم ، ويتشاءموا ، ويقولوا : هذه بشؤمهم ، ولولا مكانهم لما أصابتنا ، كما قالت الكفرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذه من عندك . 
فإن قلت : كيف قيل؟ فإذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة ، وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة؟ 
قلت : لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب ; لكثرته واتساعه ، وأما السيئة فلا تقع إلا في الندرة ، ولا يقع إلا شيء منها ; ومنه قول بعضهم : قد عددت أيام البلاء ، فهل عددت أيام الرخاء؟ طائرهم عند الله  أي : سبب خيرهم وشرهم عند الله ، وهو حكمه ومشيئته ،  [ ص: 494 ] والله هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة ، وليس شؤم أحد ولا يمنه بسبب فيه ; كقوله تعالى : قل كل من عند الله   [النساء : 78] ، ويجوز أن يكون معناه : ألا إنما سبب شؤمهم عند الله ، وهو عملهم المكتوب عنده الذي يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ، ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله في قوله سبحانه : النار يعرضون عليها   [غافر : 46] ، الآية ، ولا طائر أشأم من هذا . 
وقرأ  الحسن   : "إنما طيركم عند الله" ، وهو اسم لجمع طائر غير تكسير ، ونظيره : التجر ، والركب ، وعند أبي الحسن :  هو تكسير . 
				
						
						
