وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين
"وإذ " منصوب بإضمار اذكر ; و أنها لكم : بدل من إحدى الطائفتين ، والطائفتان : العير والنفير غير ذات الشوكة : العير ; لأنه لم يكن فيها إلا أربعون فارسا ، والشوكة كانت في النفير لعددهم وعدتهم ، والشوكة : الحدة ، مستعارة من واحدة الشوك ، ويقال : شوك القنا لشباها ، ومنها قولهم : شائك السلاح ، أي : تتمنون أن تكون لكم العير ، لأنها الطائفة التي لا حدة لها ولا شدة ، ولا تريدون الطائفة الأخرى أن يحق الحق : أن يثبته ويعليه "بكلماته" بآياته المنزلة في محاربة ذات الشوكة ، وبما أمر الملائكة من نزولهم للنصرة ، وبما قضى من أسرهم وقتلهم وطرحهم في قليب بدر ، والدابر الآخر : فاعل من دبر ، إذا أدبر ، ومنه : دابرة الطائر ، وقطع الدابر : عبارة عن الاستئصال ، يعني : أنكم تريدون الفائدة العاجلة وسفساف الأمور ، وألا تلقوا ما يرزؤكم [ ص: 557 ] في أبدانكم وأحوالكم ، والله - عز وجل - يريد معالي الأمور ، وما يرجع إلى عمارة الدين ، ونصرة الحق ، وعلو الكلمة ، والفوز في الدارين ، وشتان ما بين المرادين ; ولذلك اختار لكم الطائفة ذات الشوكة ، وكسر قوتهم بضعفكم ، وغلب كثرتهم بقلتكم ، وأعزكم وأذلهم ، وحصل لكم ما لا تعارض أدناه العير وما فيها ، وقرئ : "بكلمته" ، على التوحيد .