ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر  [ ص: 348 ] الصابرين   الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون   أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون   
"ولنبلونكم": ولنصيبنكم بذلك إصابة تشبه فعل المختبر لأحوالكم، هل تصبرون وتثبتون على ما أنتم عليه من الطاعة وتسلمون لأمر الله وحكمه أم لا؟ "بشيء": بقليل من كل واحد من هذه البلايا وطرف منه وبشر الصابرين   : المسترجعين عند البلاء; لأن الاسترجاع: تسليم وإذعان. 
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -:  "من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه". 
وروي: أنه طفئ سراج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، فقيل: أمصيبة هي؟ قال: "نعم، كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة". 
وإنما قلل في قوله: (بشيء): ليؤذن أن كل بلاء أصاب الإنسان - وإن جل - ففوقه ما يقل إليه، وليخفف عليهم ويريهم أن رحمته معهم في كل حال لا تزايلهم; وإنما وعدهم ذلك قبل كونه; ليوطنوا عليه نفوسهم، "نقص": عطف على "شيء"، أو على الخوف، بمعنى: وشيء من نقص الأموال، والخطاب في: "بشر": لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو لكل من يتأتى منه البشارة، وعن  الشافعي   -رحمه الله- في الخوف: خوف الله، والجوع: صيام شهر رمضان، والنقص من الأموال: الزكوات والصدقات، ومن الأنفس: الأمراض، ومن الثمرات: موت الأولاد. 
وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -:  [ ص: 349 ]  "إذا مات ولد العبد، قال الله تعالى للملائكة: أقبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: أقبضتم ثمرة قلبه؟ فيقولون: نعم، فيقول الله تعالى: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة، وسموه بيت الحمد". 
والصلاة: الحنو والتعطف، فوضعت موضع الرأفة، وجمع بينها وبين الرحمة، كقوله تعالى: رأفة ورحمة   [الحديد: 27]، رءوف رحيم   [التوبة: 117]، والمعنى: عليهم رأفة بعد رأفة، ورحمة أي رحمة، وأولئك هم المهتدون   : لطريق الصواب، حيث استرجعوا وسلموا لأمر الله. 
				
						
						
