يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون
"حلالا": مفعول كلوا، أو حال مما في الأرض "طيبا": طاهرا من كل شبهة ولا تتبعوا خطوات الشيطان : فتدخلوا في حرام، أو شبهة، أو تحريم حلال، أو تحليل حرام، و"من": للتبعيض; لأن كل ما في الأرض ليس بمأكول، وقرئ: (خطوات) بضمتين، و(خطوات) بضمة وسكون، و(خطؤات) بضمتين وهمزة، جعلت الضمة على الطاء [ ص: 356 ] كأنها على الواو، و(خطوات) بفتحتين، و(خطوات) بفتحة وسكون، و(الخطوة): المرة من الخطو، والخطوة: ما بين قدمي الخاطي، وهما كالغرفة والغرفة، والقبضة والقبضة، يقال: اتبع خطواته ووطئ على عقبه، إذا اقتدى به واستن بسنته.
"مبين": ظاهر العداوة لا خفاء به، إنما يأمركم : بيان لوجوب الانتهاء عن اتباعه وظهور عداوته، أي: لا يأمركم بخير قط إنما يأمركم "بالسوء": بالقبيح "والفحشاء": وما يتجاوز الحد في القبح من العظائم، وقيل: السوء ما لا حد فيه، والفحشاء: ما يجب الحد فيه، وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون : وهو قولكم: هذا حلال وهذا حرام، بغير علم، ويدخل فيه كل ما يضاف إلى الله تعالى مما لا يجوز عليه.
فإن قلت: كيف كان الشيطان آمرا مع قوله: ليس لك عليهم سلطان [الحجر: 42] قلت: شبه تزيينه وبعثه على الشر بأمر الآمر، كما تقول: أمرتني نفسي بكذا، وتحته رمز إلى أنكم منه بمنزلة المأمورين; لطاعتكم له وقبولكم وساوسه; ولذلك قال: ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله [النساء: 119] وقال الله تعالى: إن النفس لأمارة بالسوء [يوسف: 53] لما كان الإنسان يطيعها فيعطيها ما اشتهت.