في بطونهم : ملء بطونهم، يقال: أكل فلان في بطنه، وأكل في بعض بطنه، إلا النار : لأنه إذا أكل ما يتلبس بالنار لكونها عقوبة عليه فكأنه أكل النار، ومنه قولهم: أكل فلان الدم إذا أكل الدية التي هي بدل منه، قال [من الطويل]:
أكلت دما إن لم أرعك بضرة
[ ص: 361 ] وقال [من الرجز]:
يأكلن كل ليلة إكافا
أراد ثمن الإكاف، فسماه إكافا لتلبسه بكونه ثمنا له، ولا يكلمهم الله : تعريض بحرمانهم حال أهل الجنة في تكرمة الله إياهم بكلامه وتزكيتهم بالثناء عليهم، وقيل: نفي الكلام عبارة عن غضبه عليهم كمن غضب على صاحبه فصرمه وقطع كلامه، وقيل: لا يكلمهم بما يحبون، ولكن بنحو قوله: اخسئوا فيها ولا تكلمون [المؤمنون: 108]، فما أصبرهم على النار : تعجب من حالهم في التباسهم بموجبات النار من غير مبالاة منهم، كما تقول لمن يتعرض لما يوجب غضب السلطان: ما أصبرك على القيد والسجن؟! تريد أنه لا يتعرض لذلك إلا من هو شديد الصبر على العذاب، وقيل: فما أصبرهم، فأي شيء صبرهم، يقال: أصبره على كذا وصبره بمعنى، وهذا أصل معنى فعل التعجب، والذي روي عن أنه قال: قال لي قاضي الكسائي اليمن بمكة: اختصم إلي رجلان من العرب فحلف أحدهما على حق صاحبه فقال له: ما أصبرك على الله، فمعناه: ما أصبرك على عذاب الله ذلك بأن الله نزل أي: ذلك العذاب بسبب أن الله نزل ما نزل من الكتب بالحق وإن الذين اختلفوا : في كتب الله، فقالوا: في بعضها حق وفي بعضها باطل، وهم أهل الكتاب، لفي شقاق : لفي خلاف "بعيد": عن الحق، والكتاب للجنس، أو كفرهم ذلك بسبب أن الله نزل القرآن بالحق كما يعلمون، وإن الذين اختلفوا فيه من المشركين - فقال بعضهم: سحر، وبعضهم: شعر، وبعضهم: أساطير- لفي شقاق بعيد، يعني: أن أولئك لو لم يختلفوا ولم يشاقوا لما جسر هؤلاء أن يكفروا.