ومن يرغب عن ملة إبراهيم استبعاد وإنكار لأن يكون أحد يرغب عن ملته الواضحة الغراء، أي لا يرغب أحد من ملته. إلا من سفه نفسه إلا من استمهنها وأذلها واستخف بها. قال المبرد سفه بالكسر متعد وبالضم لازم، ويشهد له ما جاء في الحديث « وثعلب: » . وقيل: أصله سفه نفسه على الرفع، فنصب على التمييز نحو غبن رأيه وألم رأسه، وقول الكبر أن تسفه الحق، وتغمص الناس جرير:
ونأخذ بعده بذناب عيش... أجب الظهر ليس له سنام
أو سفه في نفسه، فنصب بنزع الخافض. والمستثنى في محل الرفع على المختار بدلا من الضمير في [ ص: 107 ] يرغب لأنه في معنى النفي. ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين حجة وبيان لذلك، فإن من كان صفوة العباد في الدنيا مشهودا له بالاستقامة والصلاح يوم القيامة، كان حقيقا بالاتباع له لا يرغب عنه إلا سفيه، أو متسفه أذل نفسه بالجهل والإعراض عن النظر.