الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
الذين آتيناهم الكتاب يعني علماءهم يعرفونه الضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يسبق ذكره لدلالة الكلام عليه. وقيل للعلم، أو القرآن، أو التحويل كما يعرفون أبناءهم يشهد للأول: أي يعرفونه بأوصافه كمعرفتهم أبناءهم لا يلتبسون عليهم بغيرهم. عن رضي الله تعالى عنه أنه سأل عمر رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنا أعلم به مني بابني قال: ولم؟ قال: لأني لست أشك في عبد الله بن سلام محمد أنه نبي فأما ولدي فلعل والدته قد خانت. وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون تخصيص لمن عاند واستثناء لمن آمن.
الحق من ربك كلام مستأنف، والحق إما مبتدأ خبره من ربك واللام للعهد، والإشارة إلى ما عليه [ ص: 113 ] الرسول صلى الله عليه وسلم، أو الحق الذي يكتمونه، أو للجنس. والمعنى أن الحق ما ثبت أنه من الله تعالى كالذي أنت عليه لا ما لم يثبت كالذي عليه أهل الكتاب، وإما خبر مبتدأ محذوف أي هو الحق . ومن ربك حال، أو خبر بعد خبر. وقرئ بالنصب على أنه بدل من الأول، أو مفعول يعلمون فلا تكونن من الممترين الشاكين في أنه من ربك، أو في كتمانهم الحق عالمين به، وليس المراد به نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشك فيه، لأنه غير متوقع منه وليس بقصد واختيار، بل إما تحقيق الأمر وإنه بحيث لا يشك فيه ناظر، أو أمر الأمة باكتساب المعارف المزيحة للشك على الوجه الأبلغ.