إن إبراهيم كان أمة لكماله واستجماعه فضائل لا تكاد توجد إلا مفرقة في أشخاص كثيرة كقوله :
ليس من الله بمستنكر . . . أن يجمع العالم في واحد
وهو رئيس الموحدين وقدوة المحققين الذي جادل فرق المشركين ، وأبطل مذاهبهم الزائغة بالحجج الدامغة ، ولذلك عقب ذكره بتزييف مذاهب المشركين من الشرك والطعن في النبوة وتحريم ما أحله ، أو لأنه كان وحده مؤمنا وكان سائر الناس كفارا . وقيل هي فعلة بمعنى مفعول كالرحلة والنخبة من أمه إذا قصده ، أو اقتدى به فإن الناس كانوا يؤمونه للاستفادة ويقتدون بسيرته كقوله : إني جاعلك للناس إماما . قانتا لله مطيعا له قائما بأوامره . حنيفا مائلا عن الباطل . ولم يك من المشركين كما زعموا فإن قريشا كانوا يزعمون أنهم على ملة إبراهيم .
شاكرا لأنعمه ذكر بلفظ القلة للتنبيه على أنه كان لا يخل بشكر النعم القليلة فكيف بالكثيرة .
اجتباه للنبوة . وهداه إلى صراط مستقيم في الدعوة إلى الله . وآتيناه في الدنيا حسنة بأن حببه إلى الناس حتى أن أرباب الملل يتولونه ويثنون عليه ، ورزقه أولادا طيبة وعمرا طويلا في السعة والطاعة . وإنه في الآخرة لمن الصالحين لمن أهل الجنة كما سأله بقوله : وألحقني بالصالحين .