أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون
( أم اتخذوا من دونه آلهة ) كرره استعظاما لكفرهم واستفظاعا لأمرهم وتبكيتا وإظهارا لجهلهم ، أو ضما لإنكار ما يكون لهم سندا من النقل إلى إنكار ما يكون لهم دليلا من العقل على معنى أوجدوا آلهة ينشرون الموتى فاتخذوهم آلهة ، لما وجدوا فيهم من خواص الألوهية ، أو وجدوا في الكتب الإلهية الأمر بإشراكهم فاتخذوهم متابعة للأمر ، ويعضد ذلك أنه رتب على الأول ما يدل على فساده عقلا وعلى الثاني ما يدل على فساده نقلا . ( قل هاتوا برهانكم ) على ذلك إما من العقل أو من النقل ، فإنه لا يصح القول بما لا دليل عليه كيف وقد تطابقت الحجج على بطلانه عقلا ونقلا . ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) من الكتب السماوية فانظروا هل تجدون فيها إلا الأمر بالتوحيد والنهي عن الإشراك ، والتوحيد لما لم يتوقف على صحته بعثة الرسل وإنزال الكتب صح الاستدلال فيه بالنقل و ( من معي ) أمته و ( من قبلي ) الأمم المتقدمة وإضافة الـ ( ذكر ) إليهم لأنه عظتهم ، وقرئ بالتنوين والإعمال وبه وبـ ( من ) الجارة على أن مع اسم هو ظرف كقبل وبعد وشبههما وبعدمها . ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق ) ولا يميزون بينه وبين الباطل ، وقرئ «الحق » بالرفع على أنه خبر محذوف وسط للتأكيد بين السبب والمسبب . ( فهم معرضون ) عن التوحيد واتباع الرسول من أجل ذلك .