( قال الذي عنده علم من الكتاب ) آصف بن برخيا وزيره ، أو الخضر أو جبريل عليهما السلام أو ملك أيده الله به ، أو سليمان عليه السلام نفسه فيكون التعبير عنه بذلك للدلالة على شرف العلم وأن هذه الكرامة كانت بسببه والخطاب في : ( أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) للعفريت كأنه استبطأه فقال له ذلك ، أو أراد إظهار معجزة في نقله فتحداهم أولا ثم أراهم أنه يتأتى له مالا يتأتى لعفاريت الجن فضلا عن غيرهم ، والمراد بـ ( الكتاب ) جنس الكتب المنزلة أو اللوح ، و ( آتيك ) في الموضعين صالح للفعلية والاسمية ، «والطرف » تحريك الأجفان للنظر فوضع موضعه ولما كان الناظر يوصف بإرسال الطرف كما في قوله :
وكنت إذا أرسلت طرفك رائدا . . . لقلبك يوما أتعبتك المناظر
وصف برد الطرف والطرف بالارتداد ، والمعنى أنك ترسل طرفك نحو شيء فقبل أن ترده أحضر عرشها بين يديك ، وهذا غاية في الإسراع ومثل فيه . ( فلما رآه ) أي العرش مستقرا عنده حاصلا بين يديه .
( قال ) تلقيا للنعمة بالشكر على شاكلة المخلصين من عباد الله تعالى هذا من فضل ربي تفضل به علي من غير استحقاق ، والإشارة إلى التمكن من إحضار العرش في مدة ارتداد الطرف من مسيرة شهرين بنفسه أو غيره ، والكلام في إمكان مثله قد مر في آية «الإسراء » . ( ليبلوني أأشكر ) بأن أراه فضلا من الله تعالى بلا حول مني ولا قوة وأقوم بحقه . ( أم أكفر ) بأن أجد نفسي في البين ، أو أقصر في أداء مواجبه ومحلها النصب على البدل من الياء . ( ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ) لأنه به يستجلب لها دوام النعمة ومزيدها ويحط عنها عبء الواجب ويحفظها عن وصمة الكفران . ( ومن كفر ) فإن ربي غني عن شكره . ( كريم ) بالإنعام عليه ثانيا .