وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون
وقاتلوا في سبيل الله لما بين أن الفرار من الموت غير مخلص منه وأن المقدر لا محالة واقع، أمرهم بالقتال إذ لو جاء أجلهم في سبيل الله وإلا فالنصر والثواب. واعلموا أن الله سميع لما يقوله المتخلف والسابق. عليم بما يضمرانه وهو من وراء الجزاء.
من ذا الذي يقرض الله من استفهامية مرفوعة الموضع بالابتداء، وذا خبره، والذي صفة ذا أو بدله، وإقراض الله سبحانه وتعالى مثل لتقديم العمل الذي به يطلب ثوابه. قرضا حسنا إقراضا حسنا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا. وقيل: القرض الحسن بالمجاهدة والإنفاق في سبيل الله فيضاعفه له فيضاعف جزاءه، أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة، وقرأ بالنصب على جواب الاستفهام حملا على المعنى، فإن عاصم من ذا الذي يقرض الله في معنى أيقرض الله أحد. وقرأ « فيضعفه » بالرفع والتشديد ابن كثير وابن عامر بالنصب. ويعقوب أضعافا كثيرة كثرة لا يقدرها إلا الله سبحانه وتعالى. وقيل الواحد بسبعمائة، و « أضعافا » جمع ضعف ونصبه على الحال من الضمير المنصوب، أو المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير أو المصدر على أن الضعف اسم مصدر وجمعه للتنويع. والله يقبض ويبسط يقتر على بعض ويوسع على بعض حسب ما اقتضت حكمته، فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم كيلا يبدل حالكم. وقرأ نافع والكسائي والبزي بالصاد ومثله في الأعراف في قوله تعالى: وأبو بكر وزادكم في الخلق بسطة وإليه ترجعون فيجازيكم على حسب ما قدمتم.