لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد
لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء قالته اليهود لما سمعوا من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
وروي (أنه عليه الصلاة والسلام كتب مع رضي الله تعالى عنه إلى يهود أبي بكر بني قينقاع يدعوهم إلى الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا الله قرضا حسنا فقال فنحاص بن عازوراء: إن الله فقير حتى سأل القرض، فلطمه رضي الله عنه على وجهه وقال: لولا ما بيننا من العهد لضربت عنقك، فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجحد ما قاله فنزلت. أبو بكر
والمعنى أنه لم يخف عليه وأنه أعد لهم العقاب [ ص: 52 ]
عليه. سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق أي سنكتبه في صحائف الكتبة، أو سنحفظه في علمنا لا نهمله لأنه كلمة عظيمة إذ هو كفر بالله عز وجل واستهزاء بالقرآن والرسول، ولذلك نظمه مع قتل الأنبياء، وفيه تنبيه على أنه ليس أول جريمة ارتكبوها وأن من اجترأ على قتل الأنبياء لم يستبعد منه أمثال هذا القول.
وقرأ سيكتب بالياء وضمها وفتح التاء وقتلهم بالرفع ويقول بالياء. حمزة ونقول ذوقوا عذاب الحريق أي وننتقم منهم بأن نقول لهم ذوقوا العذاب المحرق، وفيه مبالغات في الوعيد. والذوق إدراك الطعوم، وعلى الاتساع يستعمل لإدراك سائر المحسوسات والحالات، وذكره هاهنا لأن العذاب مرتب على قولهم الناشئ عن البخل والتهالك على المال، وغالب حاجة الإنسان إليه لتحصيل المطاعم ومعظم بخله به للخوف من فقدانه ولذلك كثر ذكر الأكل مع المال.
ذلك إشارة إلى العذاب. بما قدمت أيديكم من قتل الأنبياء وقولهم هذا وسائر معاصيهم. عبر بالأيدي عن الأنفس لأن أكثر أعمالها بهن. وأن الله ليس بظلام للعبيد عطف على ما قدمت وسببيته للعذاب من حيث إن نفي الظلم يستلزم العدل المقتضي إثابة المحسن ومعاقبة المسيء.