ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين
ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي بعد ما أمره بإنذار غير المتقين ليتقوا أمره بإكرام المتقين وتقريبهم وأن لا يطردهم ترضية لقريش.
روي أنهم قالوا: لو طردت هؤلاء الأعبد يعنون فقراء المسلمين كعمار وصهيب وخباب جلسنا إليك وحادثناك فقال: «ما أنا بطارد المؤمنين» ، قالوا: فأقمهم عنا إذا جئناك قال «نعم» . وسلمان.
وروي أن رضي الله عنه قال له: لو فعلت حتى ننظر إلى ماذا يصيرون فدعا بالصحيفة عمر رضي الله تعالى عنه ليكتب فنزلت. وبعلي
والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام، وقيل صلاتا الصبح والعصر.
وقرأ بالغدوة هنا وفي الكهف. ابن عامر يريدون وجهه حال من يدعون، أي يدعون ربهم مخلصين فيه قيد الدعاء بالإخلاص تنبيها على أنه ملاك الأمر. ورتب النهي عليه إشعارا بأنه يقتضي إكرامهم وينافي إبعادهم. ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء أي ليس عليك حساب إيمانهم فلعل إيمانهم عند الله أعظم من إيمان من تطردهم بسؤالهم طمعا في إيمانهم لو آمنوا، أو ليس عليك اعتبار بواطنهم وإخلاصهم لما اتسموا بسيرة المتقين وإن كان لهم باطن غير مرضي كما ذكره المشركون وطعنوا في دينهم فحسابهم عليهم لا يتعداهم إليك، كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم. وقيل ما عليك من حساب رزقهم أي من فقرهم. وقيل الضمير للمشركين والمعنى: لا تؤاخذ بحسابهم ولا هم بحسابك حتى يهمك إيمانهم بحيث تطرد المؤمنين طمعا فيه. فتطردهم فتبعدهم وهو جواب النفي فتكون من الظالمين جواب النهي ويجوز عطفه على فتطردهم على وجه التسبب وفيه نظر.