قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين [ ص: 7 ] قال ما منعك ألا تسجد أي أن تسجد (ولا) صلة مثلها في لئلا يعلم ، مؤكدة معنى الفعل الذي دخلت عليه ، ومنبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود . وقيل الممنوع عن الشيء مضطر إلى خلافه فكأنه قيل : ما اضطرك إلى ألا تسجد . إذ أمرتك دليل على أن مطلق الأمر للوجوب والفور . قال أنا خير منه جواب من حيث المعنى استأنف به استبعادا لأن يكون مثله مأمورا بالسجود لمثله كأنه قال : المانع أني خير منه ، ولا يحسن للفاضل أن يسجد للمفضول ، فكيف يحسن أن يؤمر به . فهو الذي سن التكبر وقال بالحسن والقبح العقليين أولا . خلقتني من نار وخلقته من طين تعليل لفضله عليه ، وقد غلط في ذلك بأن رأى الفضل كله باعتبار العنصر وغفل عما يكون باعتبار الفاعل كما أشار إليه بقوله تعالى : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أي بغير واسطة ، وباعتبار الصورة كما نبه عليه بقوله : ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين وباعتبار الغاية وهو ملاكه ولذلك أمر الملائكة بسجوده لما بين لهم أنه أعلم منهم ، وأن له خواص ليست لغيره ، والآية دليل الكون والفساد وأن الشياطين أجسام كائنة ، ولعل إضافة خلق الإنسان إلى الطين والشيطان إلى النار باعتبار الجزء الغالب .
قال فاهبط منها من السماء أو الجنة . فما يكون لك فما يصح . أن تتكبر فيها وتعصي فإنها مكان الخاشع والمطيع . وفيه تنبيه على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة وأنه سبحانه وتعالى إنما طرده وأهبطه لتكبره لا لمجرد عصيانه . فاخرج إنك من الصاغرين ممن أهانه الله لتكبره ، قال عليه الصلاة والسلام « » . من تواضع رفعه الله ومن تكبر وضعه الله