فأنجيناه والذين معه في الدين . برحمة منا عليهم . وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا أي استأصلناهم . وما كانوا مؤمنين تعريض بمن آمن منهم ، وتنبيه على أن الفارق بين من نجا وبين من هلك [ ص: 20 ] هو الإيمان .
روي أنهم كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم هودا فكذبوه ، وازدادوا عتوا فأمسك الله القطر عنهم ثلاث سنين حتى جهدهم ، وكان الناس حينئذ مسلمهم ومشركهم إذا نزل بهم بلاء توجهوا إلى البيت الحرام وطلبوا من الله الفرج ، فجهزوا إليه ، قيل بن عنز ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم ، وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام وسيدهم معاوية بن بكر ، فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم ، وكانوا أخواله وأصهاره ، فلبثوا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان قينتان له ، فلما رأى ذهولهم باللهو عما بعثوا له أهمه ذلك واستحيا أن يكلمهم فيه مخافة أن يظنوا به ثقل مقامهم فعلم القينتين :
ألا يا قيل ويحك قم فهينم . . . لعل الله يسقينا الغماما فيسقي أرض عاد إن عادا
. . . قد أمسوا ما يبينون الكلاما